الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٢ - الصفحة ١٨٥
وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله، ذلك قولهم بأفواههم يضاهون قول الذين كفروا من قبل، قاتلهم الله أنى يؤفكون. اتخذوا أخبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح ابن مريم
____________________
عبدة الأوثان على الجزية إلا من كان من العرب وقال لأهل مكة: " هل لكم في كلمة إذا قلتموها دانت لكم بها العرب وأدت إليكم العجم الجزية ". وعند الشافعي: لا تؤخذ من مشركي العجم، والمأخوذ عند أبي حنيفة في أول كل سنة من الفقير الذي له كسب اثنا عشر درهما، ومن المتوسط في الغنى ضعفها، ومن المكثر ضعف الضعف ثمانية وأربعون، ولا تؤخذ من فقير لأكسب له. وعند الشافعي: يؤخذ في آخر السنة من كل واحد دينار فقيرا كان أو غنيا، كان له كسب أولم يكن (عزير ابن الله) مبتدأ وخبر كقوله - المسيح ابن الله - وعزير اسم أعجمي كعازر وعيزار وعزرائيل ولعجمته وتعريفه امتنع صرفه، ومن نون فقد جعله عربيا، وأما قول من قال سقوط التنوين لالتقاء الساكنين كقراءة من قرأ " أحد الله " أو لأن الابن وقع وصفا والخبر محذوف وهو معبودنا فتمحل عن مندوحة، وهو قول ناس من اليهود ممن كان بالمدينة وما هو بقول كلهم. عن ابن عباس رضي الله عنهما: جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم سلام بن مشكم ونعمان بن أوفى وشاس بن قيس ومالك بن الصيف فقالوا ذلك. وقيل قاله فنحاص، وسبب هذا القول أن اليهود قتلوا الأنبياء بعد موسى عليه السلام فرفع الله عنهم التوراة ومحاها من قلوبهم، فخرج عزير وهو غلام ويسيح في الأرض، فأتاه جبريل عليه السلام فقال له: إلى أين تذهب؟ قال: أطلب العلم، فحفظه التوراة فأملاها عليهم عن ظهر لسانه لا يخرم حرفا، فقالوا: ما جمع الله التوراة في صدره وهو غلام إلا لأنه ابنه، والدليل على أن هذا القول كان فيهم أن الآية تليت عليهم فما أنكروا ولا كذبوا مع تهالكهم على التكذيب. فإن قلت: كل قول يقال بالفم فما معنى قوله (ذلك قولهم بأفواههم)؟ قلت: فيه وجهان: أحدهما أن يراد أنه قول لا يعضده برهان فما هو إلا لفظ يفوهون به فارغ من معنى تحته كالألفاظ المهملة التي هي أجراس ونغم لا تدل على معان، وذلك أن القول الدال على معنى لفظه مقول بالفم ومعناه مؤثر في القلب، وما لا معنى له مقول بالفم لاغير. والثاني أن يراد بالقول المذهب كقولهم قول أبي حنيفة يريدون مذهبه وما يقول به، كأنه قيل ذلك مذهبهم ودينهم بأفواههم لا بقلوبهم، لأنه لا حجة معه ولا شبهة حتى يؤثر في القلوب، وذلك أنهم إذا اعترفوا أنه لا صاحبة له لم تبق شبهة في انتفاء الولد (يضاهون) لابد فيه من حذف مضاف تقديره يضاهى قولهم قولهم، ثم حذف المضاف وأقيم الضمير المضاف إليه مقامه فانقلب مرفوعا. والمعنى: أن الذين كانوا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم من اليهود والنصارى يضاهى قولهم قول قدمائهم: يعنى أنه كفر قديم فيهم غير مستحدث، أو يضاهى قول المشركين: الملائكة بنات الله تعالى الله عنه.
وقيل الضمير للنصارى: أي يضاهى قولهم المسيح ابن الله قول اليهود عزير ابن الله لأنهم أقدم منهم. وقرئ يضاهئون بالهمز من قولهم امرأة ضهيأ على فعيل وهى التي ضاهأت الرجال في أنه لا تحيض وهمزتها مزيدة كما في غرقئ (قاتلهم الله) أي هم أحقاء بأن يقال لهم تعجبا من شناعة قولهم، كما يقال لقوم ركبوا شنعاء: قاتلهم الله ما أعجب فعلهم (أنى يؤفكون) كيف يصرفون عن الحق. اتخاذهم أربابا أنهم أطاعوهم في الأمر بالمعاصي
(١٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 180 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190 ... » »»