الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٢ - الصفحة ١٧٤
فإن تبتم فهو خير لكم وإن توليتم فاعلموا أنكم غير معجزي الله وبشر الذين كفروا بعذاب أليم. إلا الذين عاهدتم من المشركين ثم لم ينقصوكم شيئا ولم يظاهروا عليكم أحدا
____________________
يقرؤها فقال: إن كان الله بريئا من رسوله فأنا منه برئ، فلببه الرجل إلى عمر فحكى الأعرابي قراءته، فعندها أمر عمر رضي الله عنه بتعلم العربية (فإن تبتم) من الكفر والغدر (فهو خير لكم وإن توليتم) عن التوبة أو ثبتم على التولي والإعراض عن الإسلام والوفاء (فاعلموا أنكم غير) سابقين الله تعالى ولا فائتين أخذه وعقابه. فإن قلت:
مم استثنى قوله (إلا الذين عاهدتم)؟ قلت: وجهه أن يكون مستثنى من قوله - فسيحوا في الأرض - لأن الكلام خطاب للمسلمين، ومعناه: براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين، فقولوا لهم سيحوا إلا الذين عاهدتم منهم ثم لم ينقضوا فأتموا إليهم عهدهم، والاستثناء بمعنى الاستدراك كأنه قيل بعد أن أمروا في الناكثين ولكن الذين لم ينكثوا فأثموا إليهم عهدهم ولا تجروهم مجراهم ولا تجعلوا الوفى كالغادر. (إن الله يحب المتقين) يعنى أن قضية التقوى أن لا يسوى بين القبيلين فاتقوا الله في ذلك (لم ينقصوكم شيئا) لم يقتلوا منكم أحدا ولم يضروكم قط (ولم يظاهروا) ولم يعاونوا (عليكم) عدوا كما عدت بنو بكر على خزاعة عيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وظاهرتهم قريش بالسلاح حتى وفد عمرو بن سالم الخزاعي على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنشد:
لأهم إني ناشد محمدا * حلف أبينا وأبيك الأتلدا إن قريشا أخلفوك الموعدا * ونقضوا ذمامك المؤكدا هم بيتونا بالحطيم هجدا * وقتلونا ركعا وسجدا فقال عليه الصلاة والسلام: لانصرت إن لم أنصركم. وقرئ لم ينقضوكم بالضاد معجمة: أي لم ينقضوا عهدكم
(١٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178 179 ... » »»