الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٢ - الصفحة ١٨١
برحمة منه ورضوان وجنات لهم فيها نعيم مقيم. خالدين فيها أبدا إن الله عنده أجر عطيم. يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا آباءكم وإخوانكم أولياء إن استحبوا الكفر على الإيمان ومن يتولهم منكم فأولئك هم الظالمون. قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدى القوم الفاسقين. لقد نصركم الله في مواطن كثيرة ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا وضاقت عليكم الأرض
____________________
طعم الإيمان حتى يحب في الله ويبغض في الله، حتى يحب في الله أبعد الناس، ويبغض في الله أقرب الناس إليه ".
وقرئ عشيرتكم وعشيراتكم، وقرأ الحسن وعشائركم (فتربصوا حتى يأتي الله بأمره) وعيد. عن ابن عباس هو فتح مكة. وعن الحسن: هي عقوبة عاجلة أو آجلة، وهذه آية شديدة لا ترى أشد منها، كأنها تنعى على الناس ما هم عليه من رخاوة عقد الدين واضطراب حبل اليقين، فلينصف أورع الناس وأتقاهم من نفسه هل يجد عنده من التصلب في ذات الله والثبات على دين الله ما يستحب له دينه على الآباء والأبناء والإخوان والعشائر والمال والمساكن وجميع حظوظ الدنيا ويتجرد منها لأجله، أم يزوى الله عنه أحقر شئ منها لمصلحته فلا يدرى أي طرفيه أطول ويغويه الشيطان عن أجل حظ من حظوظ الدين فلا يبالي كأنما وقع على أنفه ذباب فطيره. مواطن الحرب:
مقاماتها ومواقفها. قال:
وكم موطن لو لأي طحت كما هوى * بأجرامه من قلة النيق منهوى وامتناعه من الصرف لأنه جمع، وعلى صيغة لم يأت عليها واحد والمواطن الكثيرة وقعات بدر وقريظة والنضير والحديبية وخيبر وفتح مكة. فإن قلت: كيف عطف الزمان على المكان وهو (يوم حنين) على المواطن؟
قلت: معناه وموطن يوم حنين، أو في أيام مواطن كثيرة ويوم حنين. ويجوز أن يراد بالموطن الوقت كمقتل الحسن، على أن الواجب أن يكون يوم حنين منصوبا بفعل مضمر لا بهذا الظاهر، وموجب ذلك أن قوله (إذ أعجبتكم) بد من يوم حنين، فلو جعلت ناصبة هذا الظاهر لم يصح لأن كثرتهم لم تعجبهم في جميع تلك المواطن
(١٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 176 177 178 179 180 181 182 183 184 185 186 ... » »»