____________________
بأنهم مرصدون بالعذاب إذا هاجر عنهم، والدليل على هذا الإشعار قوله - وما لهم ألا يعذبهم الله - وإنما يصح هذا بعد إثبات التعذيب كأنه قال: وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وهو معذبهم إذا فارقتهم وما لهم أن لا يعذبهم (وهم يستغفرون) في موضع الحال، ومعناه نفى الاستغفار عنهم: أي ولو كانوا ممن يؤمن ويستغفر من الكفر لما عذبهم كقوله - وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون - ولكنهم لا يؤمنون ولا يستغفرون ولا يتوقع ذلك منهم، وقيل معناه: وما كان الله معذبهم وفيهم من يستغفر وهم المسلمون بين أظهرهم ممن تخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من المستضعفين (وما لهم أن لا يعذبهم الله) وأي شئ لهم في انتفاء العذاب عنهم: يعنى لاحظ لهم في ذلك وهم معذبون لا محالة، وكيف لا يعذبون وحالهم أنهم يصدون عن المسجد الحرام كما صدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الحديبية، وإخراجهم رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين من الصد وكانوا يقولون نحن ولاة البيت الحرام، فنصد من نشاء وندخل من نشاء (وما كانوا أولياءه) وما استحقوا مع إشراكهم وعداوتهم للدين أن يكونوا ولاة أمره وأربابه (إن أولياؤه إلا المتقون) من المسلمين ليس كل مسلم أيضا ممن يصلح لأن يلي أمره، إنما يستأهل ولايته من كان براتقيا فيكف بالكفرة عبدة الأصنام؟ (ولكن أكثرهم لا يعلمون) كأنه استثنى من كان يعلم وهو يعاند ويطلب الرياسة أو أراد بالأكثر الجمع كما يراد بالقلة العدم. المكاء فعال بوزن الثغاء والرغاء من مكا يمكو إذا صفر، ومنه المكاء كأنه سمى بذلك لكثرة مكائه، وأصله الصفة نحو الوضاء والقراء: وقرئ مكا بالقصر ونظير هما البكى والبكاء. والتصدية: التصفيق تفعلة من الصدى أو من صد يصد - إذا قومك منه يصدون - وقرأ الأعمش " وما كان صلاتهم " بالنصب على تقديم خبر كان على اسمه. فإن قلت:
ما وجه هذا الكلام؟ قلت: هو نحو من قوله:
وما كنت أخشى أن يكون عطاؤه * أداهم سودا أو محدرجة سمرا والمعنى: أنه وضع القيود والسياط موضع العطاء، ووضعوا المكاء والتصدية موضع الصلاة، وذلك أنهم كانوا يطوفون بالبيت عراة الرجال والنساء وهم مشبكون بين أصابعهم يصفرون فيها ويصفقون، وكانوا يفعلون نحو ذلك إذا قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاته يخلطون على (فذوقوا) عذاب القتل والأسر يوم بدر بسبب كفركم وأفعالكم التي لا يقدم عليها إلا الكفرة. قيل نزلت في المطعمين يوم بدر، كان يطعم كل واحد منهم كل يوم عشر جزائر. وقيل قالوا لكل من كان له تجارة في العير: أعينوا بهذا المال على حرب محمد لعلنا ندرك منه ثأرنا بما أصيب منا ببدر، وقيل نزلت في أبي سفيان وقد استأجر ليوم أحد ألفين من الأحابيش سوى من استجاش من العرب، وأنفق عليهم أربعين أوقية، والأوقية اثنان وأربعون مثقالا (ليصدوا عن سبيل الله)
ما وجه هذا الكلام؟ قلت: هو نحو من قوله:
وما كنت أخشى أن يكون عطاؤه * أداهم سودا أو محدرجة سمرا والمعنى: أنه وضع القيود والسياط موضع العطاء، ووضعوا المكاء والتصدية موضع الصلاة، وذلك أنهم كانوا يطوفون بالبيت عراة الرجال والنساء وهم مشبكون بين أصابعهم يصفرون فيها ويصفقون، وكانوا يفعلون نحو ذلك إذا قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاته يخلطون على (فذوقوا) عذاب القتل والأسر يوم بدر بسبب كفركم وأفعالكم التي لا يقدم عليها إلا الكفرة. قيل نزلت في المطعمين يوم بدر، كان يطعم كل واحد منهم كل يوم عشر جزائر. وقيل قالوا لكل من كان له تجارة في العير: أعينوا بهذا المال على حرب محمد لعلنا ندرك منه ثأرنا بما أصيب منا ببدر، وقيل نزلت في أبي سفيان وقد استأجر ليوم أحد ألفين من الأحابيش سوى من استجاش من العرب، وأنفق عليهم أربعين أوقية، والأوقية اثنان وأربعون مثقالا (ليصدوا عن سبيل الله)