الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٢ - الصفحة ١٥٨
وإن تولوا فاعلموا أن الله مولاكم نعم المولى ونعم النصير. واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل
____________________
الجزاء (وإن تولوا) ولم ينتهوا (فإن الله مولاكم) أي ناصركم ومعينكم فثقوا بولايته ونصرته (أنما غنمتم) ما موصولة و (ممن شئ) بيانه قيل من شئ حتى الخيط (فأن لله) مبتدأ خبره محذوف تقديره: فحق أو فواجب أن لله خمسه. وروى الجعفي عن أبي عمرو فإن لله بالكسر، وتقويه فراة النخعي فلله خمسه، والمشهورة آحد وأثبت للإيجاب كأنه قيل: فلا بد من ثبات الخمس فيه ولا سبيل إلى الإخلال به والتفريط فيه من حيث إنه إذا حذف الخبر واحتمل غير واحد من المقدرات كقولك ثابت واجب حق لازم وما أشبه ذلك كان أقوى لإيجابه من النص على واحد. وقرئ خمسه بالسكون. فإن قلت: كيف قسمة الخمس؟ قلت: عند أبي حنيفة رحمه الله أنها كانت في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم على خمسة أسهم: سهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وسهم لذوي قرباه من بني هاشم وبني المطلب دون بنى عبد شمس وبنى نوفل استحقوه حينئذ بالنصرة والمظاهرة، لما روى عن عثمان وجبير بن مطعم رضي الله عنهما " أنهما قالا لرسول الله صلى الله عليه وسلم: هؤلاء إخوتك بنو هاشم لا ننكر فضلهم لمكانك الذي جعلك الله منهم، أرأيت إخواننا بني المطلب أعطيتهم وحرمتنا وإنما نحن وهم بمنزلة واحدة؟ فقال صلى الله عليه وسلم؟ إنهم لم يفارقونا في جاهلية ولا إسلام، إنما بنو هاشم وبنو المطلب شئ واحد وشبك بين أصابعه " وثلاثة أسهم لليتامى والمساكين وابن السبيل. وأما بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم فسهمه ساقط بموته، وكذلك سهم ذوي القربى، وإنما يعطون لفقرهم فهم أسوة سائر الفقراء، ولا يعطى أغنياؤهم فيقسم على اليتامى والمساكين وابن السبيل. وأما عند الشافعي رحمه الله فيقسم على خمسة أسهم: سهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم يصرف إلى ما كان يصرفه إليه من مصالح المسلمين كعدة الغزاة من السلاح والكراع ونحو ذلك، وسهم لذوي القربى من أغنيائهم وفقرائهم يقسم بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين، والباقي للفرق الثلاث. وعند مالك بن أنس رحمه الله: الأمر فيه مفوض إلى اجتهاد الإمام، إن رأى قسمه بين هؤلاء، وإن رأى أعطاه بعضهم دون بعض، وإن رأى غيرهم أولى وأهم فغيرهم. فإن قلت: ما معنى ذكر الله عز وجل وعطف الرسول وغيره عليه
(١٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 ... » »»