الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٢ - الصفحة ١١٤
فإن استقر مكانه فسوف تراني فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا
____________________
معنى أن النظر إلى محال فلا تطلبه، ولكن عليك بنظر آخر وهو أن تنظر إلى الجبل الذي يرجف بك وبمن طلبت الرؤية لأجلهم كيف أفعل به وكيف أفعله دكا بسبب طلبك الرؤية، لتستعظم ما أقدمت عليه بما أريك من علم أثره كأنه عز وعلا حقق طلب الرؤية ما مثله عند نسبة الولد إليه في قوله - وتخر الجبال هدا أن دعوا للرحمن ولدا - (فإن استقر مكانه) كما كان مستقرا ثابتا ذاهبا في جهاته (فسوف تراني) تعليق لوجود الرؤية موجود ما لا يكون من استقرار الجبل مكانه حين يدركه دكا ويسويه بالأرض، وهذا كلام مدمج بعضه في بعض وارد على أسلوب عجيب ونمط بديع، ألا ترى كيف تخلص من النظر إلى النظر بكلمة الاستدراك، ثم كيف بنى الوعيد بالرجفة الكائنة بسبب طلب النظر على الشريطة في وجود الرؤية: أعني قوله فإن استقر مكانه فسوف تراني (فلما تجلى ربه للجبل) فلما ظهر له اقتداره وتصدى له أمره وإرادته (جعله دكا) أي مدكوكا مصدر بمعنى مفعول كضرب الأمير. والدك والدق أخوان كالشك والشق. وقرئ دكاء والدكاء اسم للرابية الناشزة من الأرض كالدكة أو أرضا دكاء مستوية، ومنه قولهم ناقة دكاء: متواضعة السنام. وعن الشعبي: قال لي الربيع بن خثيم:
(١١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 ... » »»