الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٢ - الصفحة ١١٢
قال رب أرني أنظر إليك قال لن تراني
____________________
خلقه مخطوطا في اللوح. وروى أن موسى عليه السلام كان يسمع ذلك الكلام من كل جهة. وعن ابن عباس رضي الله عنه: كلمه أربعين ليلة وكتب له الألواح. وقيل إنما كلمه في أول الأربعين (أرني أنظر إليك) ثاني مفعول أرني محذوف: أي أرني نفسك أنظر إليك. فإن قلت: الرؤية عين النظر فكيف قيل أرني أنظر إليك؟ قلت: معنى أرني نفسك: اجعلني متمكنا من رؤيتك بأن تتجلى لي فأنظر إليك وأراك. فإن قلت:
فكيف قال (لن تراني) ولم يقل لن تنظر إلى قوله أنظر إليك؟ قلت: لما قال أرني بمعنى اجعلني متمكنا من الرؤية التي هي الإدراك علم أن الطلبة هي الرؤية لا النظر الذي لا إدراك معه، فقيل لن تراني ولم يقل لن تنظر إلي.
فإن قلت: كيف طلب موسى عليه السلام ذلك وهو من أعلم الناس بالله وصفاته وما يجوز عليه وما لا يجوز، وبتعاليه عن الرؤية التي هي إدراك ببعض الحواس، وذلك إنما يصح فيما كان في جهة وما ليس بجسم ولا عرض، فمحال أن يكون في جهة. ومنع المجبرة إحالته في العقول غير لازم لأنه ليس بأول مكابرتهم وارتكابهم، وكيف
(١١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 ... » »»