الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ١ - الصفحة ٢٧٢
وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم.
____________________
فإن قلت هلا بين لهم تلك المصالح؟ قلت: كفى العباد أن يعلموا أن أفعال الله كلها حسنة وحكمة وإن خفى عليهم وجه الحسن والحكمة على أنه قد بين لهم بعض ذلك فيما أتبعه من قوله (وعلم آدم الأسماء كلها) واشتقاقهم آدم من الأدمة ومن أديم الأرض نحو اشتقاقهم يعقوب من العقب وإدريس من الدرس وإبليس من الإبلاس وما آدم إلا اسم أعجمي وأقرب أمره أن يكون على فاعل كآزر وعازر وعابر وشالخ وفالغ وأشباه ذلك الأسماء كلها أي أسماء المسميات فحذف المضاف إليه لكونه معلوما مدلولا عليه بذكر الأسماء لأن الاسم لا بد له من مسمى وعوض منه اللام كقوله واشتعل الرأس - فإن قلت: هلا زعمت أنه حذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه وأن الأصل وعلم آدم مسميات الأسماء؟ قلت لأن التعليم وجب تعليقه بالأسماء لا بالمسميات لقوله (أنبئوني بأسماء هؤلاء) أنبئهم بأسماءهم فلما أنبأهم بأسمائهم فكما علق الإنباء بالأسماء لا بالمسميات ولم يقل أنبئوني بهؤلاء وأنبئهم بأسمائهم وجب تعليق التعليم بها فإن قلت فما معنى تعليمه أسماء المسميات؟ قلت أراه الأجناس التي خلقها، وعلمه أن هذا اسمه فرس وهذا اسمه بعير وهذا اسمه كذا وهذا اسمه كذا وعلمه أحوالها وما يتعلق بها من المنافع الدينية والدنيوية (ثم عرضهم) أي عرض المسميات، وإنما ذكر لأن في المسميات العقلاء فغلبهم، وإنما استنبأهم وقد علم عجزهم عن الإنباء على سبيل التبكيت (إن كنتم صادقين) يعنى في زعمكم أنى أستخلف في الأرض مفسدين سفاكين للدماء إرادة للرد عليهم وأن فيمن يستخلفه من الفوائد العلمية التي هي أصول
(٢٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 267 268 269 270 271 272 273 274 275 276 277 ... » »»