الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ١ - الصفحة ٢٨٣
كلوا من طيبات ما رزقناكم وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية فكلوا منها حيث شئتم رغدا وادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة نغفر لكم خطاياكم وسنزيد المحسنين فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم فأنزلنا على الذين ظلموا رجزا من السماء بما كانوا يفسقون وإذا استسقى موسى
____________________
ما يكفيه (كلوا) على إرادة القول (وما ظلمونا) يعنى فظلموا بأن كفروا هذه النعم وما ظلمونا فاختصر الكلام بحذفه لدلالة وما ظلمونا عليه (القرية) بيت المقدس وقيل أريحاء من قرى الشأم أمروا بدخولها بعد التيه (الباب) باب القرية وقيل هو باب القبة التي كانوا يصلون إليها، وهم لم يدخلوا بيت المقدس في حياة موسى عليه الصلاة والسلام أمروا بالسجود عند الانتهاء إلى الباب شكرا لله وتواضعا وقيل السجود أن ينحنوا ويتطامنوا داخلين ليكون دخولهم بخشوع وإخبات، وقيل طؤطئ لهم الباب ليخفضوا رؤوسهم فلم يخفضوها ودخلوا متزحفين على أوراكهم (حطة) فعلة من الحط كالجلسة والركبة وهى خبر مبتدأ محذوف أي مسئلتنا حطة أو امرك حطة والأصل النصب بمعنى حط عنا ذنوبنا حطة وإنما رفعت لتعطى معنى الثبات كقوله * صبرا جميل فكلانا مبتلى * والأصل صيرا على اصبر صبرا. وقرأ ابن أبي عبلة بالنصب على الأصل وقيل معناه أمرنا حطة أي أن نحط في هذه القرية وتستقر فيها فإن قلت هل يجوز أن تنصب حطة في قراءة من نصبها بقولوا على معنى قولوا هذه الكلمة قلت: لا يبعد والأجود أن تنصب بإضمار فعلها وينتصب محل ذلك المضمر بقولوا وقرئ يغفر لكم على البناء للمفعول بالياء والتاء (وسنزيد المحسنين) أي من كان محسنا منكم كانت تلك الكلمة سببا في زيادة ثوابه ومن كان مسيئا كانت له توبة وغفرة (فبدل الذين ظلموا) أي وضعوا مكان حطة قولا غيرها يعنى أنهم أمروا بقول معناه التوبة والاستغفار فخالفوه إلى قول ليس معناه معنى ما أمروا به ولم يمتثلوا أمر الله وليس الغرض أنهم أمروا بلفظ بعينه وهو لفظ الحطة فجاءوا بلفظ آخر لأنهم لو جاءوا بلفظ آخر مستقل بمعنى ما أمروا به لم يؤاخذوا به كما لو قالوا مكان حطة نستغفرك ونتوب إليك أو اللهم أعف عنا وما أشبه ذلك وقيل قالوا مكان حطة حنطة وقيل قالوا بالنبطية حطا سمقاثا أي حنطة حمراء استهزاء منهم بما قيل لهم وعدولا عن طلب ما عند الله إلى طلب ما يشتهون من أعراض الدنيا وفى تكرير (الذين ظلموا) زيادة في تقبيح أمرهم وإيذان بأن إنزال الرجز عليهم لظلمهم وقد جاء في سورة الأعراف فأرسلنا عليهم على الإضمار والرجز العذاب وقرئ بضم الراء وروى أنه مات منهم في ساعة بالطاعون أربعة وعشرون ألفا، وقيل سبعون ألفا. عطشوا
(٢٨٣)
مفاتيح البحث: الإستسقاء (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 278 279 280 281 282 283 284 285 286 287 288 ... » »»