الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ١ - الصفحة ٢٥٣
وبشر الذين آمنوا
____________________
البشارة بالإنذار إرادة التنشيط لاكتساب ما يزلف والتثبيط عن اقتراف ما يتلف، فلما ذكر الكفار وأعمالهم وأوعدهم بالعقاب قفاه ببشارة عباده الذين جمعوا بين التصديق والأعمال الصالحة من فعل الطاعات وترك المعاصي وحموها من الإحباط بالكفر والكبائر بالثواب. فإن قلت: من المأمور بقوله تعالى (وبشر)؟ قلت: يجوز أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن يكون كل أحد كما قال عليه الصلاة والسلام " بشرا لمشائين إلى المساجد في الظلم بالنور التام يوم القيامة " لم يأمر بذلك واحدا بعينه وإنما كل أحد مأمور به، وهذا الوجه أحسن وأجزل، لأنه يؤذن بأن الأمر لعظمه وفخامة شأنه محقوق بأن يبشر به كل من قدر على البشارة به. فإن قلت: علام عطف هذا الأمر ولم يسبق أمر ولا نهى يصح عطفه عليه؟ قلت: ليس الذي اعتمد بالعطف هو الأمر حتى يطلب له كل من أمر أو نهى بعطف عليه، إنما المعتمد بالعطف هو جملة وصف ثواب المؤمنين فهي معطوفة على جملة
(٢٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 247 248 249 251 252 253 255 256 259 260 261 ... » »»