الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ١ - الصفحة ٢٥٢
أعدت للكافرين.
____________________
وشدة ذكائها إذا اتصلت بما لا تشتعل به نارا شتعلت وارتفع لهبها. فإن قلت: أنار الجحيم كلها موقدة بالناس والحجارة أم هي نيران شتى منها نار بهذه الصفة؟ قلت: بل هي نيران شتى منها نار توقد بالناس والحجارة، يدل على ذلك تنكيرها في قوله تعالى - قوا أنفسكم وأهليكم نارا - فأنذرتكم نارا تلظى - ولعل لكفار الجن وشياطينهم نارا وقودها الشياطين، كما أن لكفرة الإنس نارا وقودها هم، جزاء لكل جنس بما يشاكله من العذاب. فإن قلت: لم قرن الناس بالحجارة وجعلت الحجارة معهم وقود؟ قلت: لأنهم قرنوا بها أنفسهم في الدنيا حيث نحتوها أصناما وجعلوها لله أندادا وعبدوها من دونه، قال الله تعالى - إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم - وهذه الآية مفسرة لما نحن فيه، فقوله - إنكم وما تعبدون من دون الله - في معنى الناس والحجارة، و- حصب جهنم - في معنى وقودها. ولما اعتقد الكفار في حجارتهم المعبودة من دون الله أنها الشفعاء والشهداء الذين يستنفعون بهم ويستدفعون المضار عن أنفسهم بمكانهم جعلها الله عذابهم فقرنهم بها محماة في نار جهنم إبلاغا في إيلامهم وإغراقا في تحيرهم، ونحوه ما يفعله بالكافرين الذين جعلوا ذهبهم وفضتهم عدة وذخيرة، فشحوا بها ومنعوها من الحقوق حيث يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم. وقيل هي حجارة الكبريت وهو تخصيص بغير دليل، وذهاب عما هو المعنى الصحيح الواقع المشهود له بمعانى التنزيل (أعدت) هيئت لهم وجعلت عدة لعذابهم. وقرأ عبد الله " أعتدت " من العتاد بمعنى العدة. من عادته عز وجل في كتابه أن يذكر الترغيب مع الترهيب ويشفع
(٢٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 244 247 248 249 251 252 253 255 256 259 260 ... » »»