الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ١ - الصفحة ٥٨٨
ومن يستنكف عن عبادته ويستكبر فسيحشرهم إليه جميعا. فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله، أما الذين استنكفوا واستكبروا فيعذبهم عذابا أليما ولا يجدون لهم من دون الله وليا ولا نصيرا.
____________________
التصغير. وروي (أن وفد نجران قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم: لم تعيب صاحبنا؟ قال: ومن صاحبكم قالوا عيسى، قال: وأي شئ أقول؟ قالوا: تقول إنه عبد الله ورسوله، قال: إنه ليس بعار أن يكون عبد الله، قالوا بلى، فنزلت): أي لا يستنكف عيسى من ذلك فلا تستنكفوا له منه، فلو كان موضع استنكاف لكان هو أولى بأن يستنكف لان العار ألصق به. فإن قلت: علام عطف قوله ولا الملائكة؟ قلت: لا يخلو إما أن يعطف على المسيح أو على اسم يكون، أو على المستتر في عبدا لما فيه من معنى الوصف لدلالته على معنى العبادة كقولك: مررت برجل عبد أبوه، فالعطف على المسيح هو الظاهر لأداء غيره إلى ما فيه بعض انحراف عن الغرض، وهو أن المسيح لا يأنف أن يكون هو ولا من فوقه موصوفين بالعبودية، أو أن يعبد الله هو ومن فوقه.
فإن قلت: قد جعلت الملائكة وهم جماعة عبد الله في هذا العطف فما وجهه؟ قلت: فيه وجهان: أحدهما أن يراد ولا كل واحد من الملائكة أو ولا الملائكة المقربون أن يكونوا عبادا لله، فحذف ذلك لدلالة عبد الله عليه إيجازا، وأما إذا عطفتهم على الضمير في عبدا فقد طاح هذا السؤال. قرئ فسيحشرهم بضم الشين وكسرها وبالنون. فإن قلت: التفصيل غير مطابق للمفصل لأنه اشتمل على الفريقين والمفصل على فريق واحد؟ قلت:
هو مثل قولك جمع الامام الخوارج، فمن لم يخرج عليه كساه وحمله، ومن خرج عليه نكل به، وصحة ذلك
(٥٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 581 582 583 584 585 588 589 590 591 592 593 ... » »»