الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ١ - الصفحة ٥٧٨
فبما نقضهم ميثاقهم وكفرهم بآيات الله وقتلهم الأنبياء بغير حق وقولهم قلوبنا غلف، بل طبع الله عليها بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلا. وبكفرهم وقولهم على مريم
____________________
الدال (فبما نقضهم) فبنقضهم وما مزيدة للتوكيد. فإن قلت: بم تعلقت الباء وما معنى التوكيد؟ قلت: إما أن تتعلق بمحذوف كأنه قيل فبما نقضهم ميثاقهم فعلنا بهم ما فعلنا، وإما أن يتعلق بقوله حرمنا عليهم على أن قوله:
فبظلم من الذين هادوا بدل من قوله: فبما نقضهم ميثاقهم، وأما التوكيد فمعناه تحقيق أن العقاب أو تحريم الطيبات لم يكن إلا بنقض العهد وما عطف عليه من الكفر وقتل الأنبياء وغير ذلك. فإن قلت: هلا زعمت أن المحذوف الذي تعلقت به الباء ما دل عليه قوله: بل طبع الله عليها فيكون التقدير فبما نقضهم ميثاقهم طبع الله على قلوبهم بل طبع الله عليها بكفرهم؟ قلت: لم يصح هذا التقدير لان قوله بل طبع الله عليها بكفرهم رد وإنكار لقولهم قلوبنا غلف فكان متعلقا به، وذلك أنهم أرادوا بقولهم قلوبنا غلف أن الله خلق قلوبنا غلفا: أي في أكنة لا يتوصل إليها شئ من الذكر والموعظة كما حكى الله عن المشركين - وقالوا لو شاء الرحمن ما عبدناهم - وكمذهب المجبرة أخزاهم الله، فقيل لهم بل خذلها الله ومنعها الألطاف بسبب كفرهم فصارت كالمطبوع عليها لا أن تخلق غلفا غير قابلة للذكر ولا متمكنة من قبوله. فإن قلت: علام عطف قوله (وبكفرهم)؟ قلت: الوجه أن يعطف على
(٥٧٨)
مفاتيح البحث: القتل (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 573 574 575 576 577 578 579 580 581 582 583 ... » »»