الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ١ - الصفحة ٥٨٣
وكان الله عزيزا حكيما. لكن الله يشهد بما أنزل إليك أنزله بعلمه والملائكة يشهدون
____________________
فإن قلت: كيف يكون للناس على الله حجة قبل الرسل وهم محجوجون بما نصبه الله من الأدلة التي النظر فيها موصل إلى المعرفة والرسل في أنفسهم لم يتوصلوا إلى المعرفة إلا بالنظر في تلك الأدلة ولاعرف أنهم رسل الله إلا بالنظر فيها؟ قلت: الرسل منبهون عن الغفلة وباعثون على النظر كما ترى علماء أهل العدل والتوحيد مع تبليغ ما حملوه من تفصيل أمور الدين، وبيان أحوال التكليف وتعليم الشرائع، فكان إرسالهم إزاحة للعلة وتتميما لالزام الحجة لئلا يقولوا لولا أرسلت إلينا رسولا فيوقظنا من سنة الغفلة وينبهنا لما وجب الانتباه له. قرأ السلمي لكن الله يشهد بالتشديد. فإن قلت: الاستدراك لا بد له من مستدرك فما هو في قوله لكن الله يشهد؟ قلت: لما سأل أهل الكتاب إنزال الكتاب من السماء وتعنتوا بذلك واحتج عليهم بقوله - إنا أوحينا إليك - قال: لكن الله يشهد، بمعنى أنهم لا يشهدون لكن الله يشهد. وقيل لما نزل إنا أوحينا إليك قالوا ما نشهد لك بهذا، فنزل لكن الله يشهد. ومعنى شهادة الله بما أنزل إليه إثباته لصحته بإظهار المعجزات كما تثبت الدعاوي بالبينات. وشهادة الملائكة شهادتهم بأنه حق وصدق. فإن قلت: بما يجابوا لو قالوا: بم يعلم أن الملائكة يشهدون بذلك؟ قلت: يجابون بأنه يعلم بشهادة الله، لأنه لما علم
(٥٨٣)
مفاتيح البحث: الشهادة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 578 579 580 581 582 583 584 585 588 589 590 ... » »»