الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ١ - الصفحة ٥٥٤
مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين توبة من الله، وكان الله عليما حكيما. ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما. يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا
____________________
عاهدوا المسلمين وأهل الذمة من الكتابيين فحكمه حكم مسلم من مسلمين (فمن لم يجد) رقبة: بمعنى لم يملكها ولا ما يتوصل به إليها (ف‍) - عليه (صيام شهرين متتابعين توبة من الله) قبولا من الله ورحمة منه من تاب الله عليه إذا قبل توبته، يعني شرع ذلك توبة منه، أو نقلكم من الرقبة إلى الصوم توبة منه. هذه الآية فيها من التهديد والايعاد والابراق والارعاد أمر عظيم وخطب غليظ. ومن ثم روي عن ابن عباس ما روي من أن توبة قاتل المؤمن عمدا غير مقبولة.
وعن سفيان: كان أهل العلم إذا سئلوا قالوا لا توبة له، وذلك محمول منهم على الاقتداء بسنة الله في التغليظ والتشديد، وإلا فكل ذنب ممحو بالتوبة وناهيك بمحو الشرك دليلا. وفي الحديث (لزوال الدنيا أهون على الله من قتل امرئ مسلم) وفيه (لو أن رجلا قتل بالمشرق وآخر رضى بالمغرب لاشرك في دمه) وفيه (إن هذا الانسان بنيان الله ملعون من هدم بنيانه) وفيه (من أعان على قتل مؤمن بشطر كلمة جاء يوم القيامة مكتوب بين عينيه آيس من رحمة الله) والعجب من قوم يقرءون هذه الآية ويرون ما فيها ويسمعون هذه الأحاديث العظيمة، وقول ابن عباس بمنع التوبة ثم لا تدعهم أشعبيتهم وطماعيتهم الفارغة واتباعهم هواهم وما يخيل إليهم مناهم أن يطمعوا في العفو عن قاتل المؤمن بغير توبه - أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها - ثم ذكر الله سبحانه وتعالى التوبة في قتل الخطأ لما عسى يقع من نوع تفريط فيما يجب من الاحتياط والتحفظ فيه حسم للأطماع وأي حسم ولكن لا حياة لمن تنادي. فإن قلت: هل فيها دليل على خلود من لم يتب من أهل الكبائر؟ قلت: ما أبين الدليل وهو تناول قوله ومن يقتل أي قاتل كان من مسلم أو كافر تائب أو غير تائب إلا أن التائب أخرجه الدليل، فمن ادعى إخراج المسلم غير التائب فليأت بدليل مثله (فتبينوا). وقرئ فتثبتوا وهما من التفعل بمعنى الاستفعال أي اطلبوا بيان الامر وثباته ولا تتهوكوا فيه من غير روية. وقرئ السلم والسلام وهما الاستسلام، وقيل الاسلام، وقيل التسليم الذي هو تحية أهل الاسلام (لست مؤمنا). وقرئ مؤمنا بفتح الميم من آمنه: أي ولا نؤمنك
(٥٥٤)
مفاتيح البحث: القتل (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 549 550 551 552 553 554 555 556 557 558 559 ... » »»