____________________
خذلهم حتى أركسوا فيه لما علم من مرض قلوبهم (أتريدون أن تهدوا) أن تجعلوا من جملة المهتدين (من أضل الله) من جعله من جملة الضلال وحكم عليه بذلك أو خذله حتى ضل. وقرئ ركسهم وركسوا فيها (فتكونون) عطف على تكفرون، ولو نصب على جواب التمني لجاز. والمعنى: ودوا كفركم فكونكم معهم شرعا واحدا فيما هم عليه من الضلال واتباع دين الآباء. فلا تتولوهم وإن آمنوا حتى يظاهروا إيمانهم بهجرة صحيحة هي لله ورسوله لا لغرض من أغراض الدنيا مستقيمة ليس بعدها بداء ولا تعرب (فإن تولوا) عن الايمان الظاهر بالهجرة الصحيحة المستقيمة، فحكمهم حكم سائر المشركين يقتلون حيث وجدوا في الحل والحرم، وجانبوهم مجانبة كلية وإن بذلوا لكم الولاية والنصرة فلا تقبلوا منهم (إلا الذين يصلون) استثناء من قوله فخذوهم واقتلوهم. ومعنى يصلون إلى قوم: ينتهون إليهم ويتصلون بهم. وعن أبي عبيدة هو من الانتساب، وصلت إلى فلان واتصلت به: إذا انتميت إليه. وقيل إن الانتساب لا أثر له في منع القتال، فقد قاتل رسول الله صلى الله عليه وسلم بمن معه من هو من أنسابهم. والقوم هم الأسلميون كان بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد، وذلك أنه وادع وقت خروجه إلى مكة هلال بن عويمر الأسلمي على أن لا يعينه ولا يعين عليه، وعلى أن من وصل إلى هلال ولجأ إليه فله من الجوار مثل الذي لهلال، وقيل القوم بنو بكر بن زيد مناة كانوا في الصلح (أو جاءوكم) لا يخلو من أن يكون معطوفا على صفة قوم كأنه قيل: إلا الذين يتصلون بالمعاهدين أو الذين لا يقاتلونكم، والوجه العطف على الصلة لقوله (فإن اعتزلوكم فلم يقاتلوكم وألقوا إليكم السلم فما جعل الله لكم عليهم سبيلا) بعد قوله (فخذوهم واقتلوهم حيث وجدتموهم) فقرر أن كفهم عن القتال أحد سببي استحقاقهم لنفي التعرض عنهم وترك الايقاع بهم.