الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ١ - الصفحة ٥٥٩
إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا، إن الكافرين كانوا لكم عدوا مبينا. وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك وليأخذوا أسلحتهم فإذا سجدوا فليكونوا من ورائكم
____________________
الله عنها (اعتمرت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة إلى مكة إذا قدمت مكة قلت: يا رسول الله بأبي أنت وأمي قصرت وأتممت وصمت وأفطرت، فقال: أحسنت يا عائشة وما عاب علي) وكان عثمان رضي الله عنه يتم ويقصر، وعند أبي حنيفة رحمه الله: القصر في السفر عزيمة غير رخصة لا يجوز غيره. وعن عمر رضي الله عنه: صلاة السفر ركعتان تمام غير قصر على لسان نبيكم. وعن عائشة رضي الله عنها (أول ما فرضت الصلاة فرضت ركعتين ركعتين، فأقرت في السفر وزيدت في الحضر) فإن قلت: فما تصنع بقوله: فليس عليكم جناح أن تقصروا؟ قلت: كأنهم ألفوا الاتمام فكانوا مظنة لان يخطر ببالهم أن عليهم نقصانا في القصر فنفي عنهم الجناح لتطيب أنفسهم بالقصر ويطمئنوا إليه. وقرئ تقصروا من أقصر، وجاء في الحديث إقصار الخطبة بمعنى تقصيرها. وقرأ الزهري تقصروا بالتشديد. والقصر ثابت بنص الكتاب في حال الخوف خاصة وهو قوله (إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا) وأما في حال الامن فبالسنة، وفي قراءة عبد الله من الصلاة أن يفتنكم ليس فيها إن خفتم على أنه مفعول له بمعنى كراهة أن يفتنكم، والمراد بالفتنة القتال والتعرض بما يكره (وإذا كنت فيهم فأقسمت لهم الصلاة) يتعلق بظاهره من لا يرى صلاة الخوف بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث شرط كونه فيهم وقال من رآها بعده إن الأئمة نواب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل عصر، قوام بما كان يقوم به، فكان الخطاب له متناولا لكل إمام يكون حاضر الجماعة في حال الخوف عليه أن يؤمهم كما أم رسول الله صلى الله عليه وسلم الجماعات التي كان يحضرها، والضمير في فيهم للخائفين (فلتقم طائفة منهم معك) فاجعلهم طائفتين فلتقم إحداهما معك فصل بهم (وليأخذوا أسلحتهم) الضمير إما للمصلين وإما لغيرهم، فإن كان للمصلين فقالوا: يأخذون من السلاح ما لا يشغلهم عن الصلاة كالسيف والخنجر ونحوهما، وإن كان لغيرهم فلا كلام فيه (فإذا سجدوا فليكونوا) يعني غير المصلين (من ورائكم) يحرسونكم. وصفة صلاة الخوف عند أبي حنيفة أن يصلي الامام
(٥٥٩)
مفاتيح البحث: الصّلاة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 554 555 556 557 558 559 560 561 562 563 564 ... » »»