الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ١ - الصفحة ٥٥٨
ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله وكان الله غفورا رحيما. وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة
____________________
مهاجرا وطريقا براغم بسلوكه قومه: أي يفارقهم على رغم أنوفهم، والرغم الذل والهوان، وأصله لصوق الانف بالرغام وهو التراب، يقال راغمت الرجل: إذا فارقته وهو يكره مفارقتك لمذلة تلحقه بذلك. قال النابغة الجعدي:
كطود يلاذ بأركانه عزيز المراغم والمذهب وقرئ مرغما. قرئ ثم يدركه الموت بالرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف، وقيل رفع الكاف منقول من الهاء كأنه أراد أن يقف عليها ثم نقل حركة الهاء إلى الكاف كقوله * من عنزى سبني لم أضربه * وقرئ يدركه بالنصب على إضمار أن كقوله * وألحق بالحجاز فأستريحا * (فقد وقع أجره على الله) فقد وجب ثوابه عليه، وحقيقة الوجوب الوقوع والسقوط - فإذا وجبت جنوبها - ووجبت الشمس سقط قرصها، والمعنى: فقد علم الله كيف يثيبه وذلك واجب عليه. وروي في قصة جندب بن ضمرة أنه لما أدركه الموت أخذ يصفق بيمينه على شماله ثم قال: اللهم هذه لك وهذه لرسولك، أبايعك على ما بايعك عليه رسولك، فمات حميدا فبلغ خبره أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: لو توفى بالمدينة لكان أتم أجرا، وقال المشركون وهم يضحكون: ما أدرك هذا ما طلب، فنزلت وقالوا: كل هجرة لغرض ديني من طلب علم أو حج أو جهاد أو فرار إلى بلد يزداد فيه طاعة أو قناعة وزهدا في الدنيا أو ابتغاء رزق طيب فهي هجرة إلى الله ورسوله، وإن أدركه الموت في طريقه فأجره واقع على الله. الضرب في الأرض هو السفر. وأدنى مدة السفر الذي يجوز فيه القصر عند أبي حنيفة مسيرة ثلاثة أيام ولياليهن في يوم قصر، ولو سار مسيرة يوم في ثلاثة أيام لم يقصر. وعند الشافعي أدنى مدة السفر أربعة برد مسيرة يومين، وقوله (فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة) ظاهرة التخيير بين القصر والاتمام وأن الاتمام أفضل، وإلى التخيير ذهب الشافعي. وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أتم في السفر. وعن عائشة رضي
(٥٥٨)
مفاتيح البحث: الموت (1)، الصّلاة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 553 554 555 556 557 558 559 560 561 562 563 ... » »»