الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ١ - الصفحة ٥٣٨
ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما. فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما.
____________________
ويجوز أن يراد بتيسير الله وتوفيقه في طاعته (ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم) بالتحاكم إلى الطاغوت (جاءوك) تائبين من النفاق متنصلين عما ارتكبوا (فاستغفروا الله) من ذلك بالاخلاص وبالغوا في الاعتذار إليك من إيذائك برد قضائك حتى انتصبت شفيعا لهم إلى الله ومستغفرا (لوجدوا الله توابا) لعلموه توابا. أي لتاب عليهم ولم يقل واستغفرت لهم وعدل عنه إلى طريقة الالتفات تفخيما بشأن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتعظيما لاستغفاره وتنبيها على أن شفاعة من اسمه الرسول من الله بمكان (فلا وربك) معناه فوربك كقوله تعالى - فوربك لنسألنهم - ولا مزيدة لتأكيد معنى القسم كما زيدت في - لئلا يعلم - لتأكيد وجوب العلم و (لا يؤمنون) جواب القسم. فإن قلت: هلا زعمت أنها زيدت لتظاهر (لا) في لا يؤمنون؟ قلت: يأبى ذلك استواء النفي والاثبات فيه، وذلك قوله - فلا أقسم بما تبصرون وما لا تبصرون. إنه لقول رسول كريم - فيما شجر بينهم - فيما اختلف بينهم واختلط، ومنه الشجر لتداخل أغصانه (حرجا) ضيقا أي لا تضيق صدورهم من حكمك، وقيل شكا لان الشاك في ضيق من أمره حتى يلوح له اليقين (ويسلموا) وينقادوا ويذعنوا لما تأتى به من قضائك لا يعارضوه بشئ من قولك سلم لأمر الله وأسلم له، وحقيقته سلم نفسه له وأسلمها إذا جعلها سالمة له خالصة، و (تسليما) تأكيد للفعل بمنزلة تكريره كأنه
(٥٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 533 534 535 536 537 538 539 540 541 542 543 ... » »»