الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ١ - الصفحة ٥٠٣
وكفى بالله حسيبا. للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون مما قل منه أو كثر نصيبا مفروضا. وإذا حضر القسمة أولوا القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه وقولوا لهم قولا معروفا. وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم فليتقوا الله وليقولوا
____________________
فادعى عليه صدق مع اليمين عند أبي حنيفة وأصحابه. وعند مالك والشافعي لا يصدق إلا بالنية، فكان في الاشهاد الاستحراز من توجه الحلف المفضي إلى التهمة أو من وجوب الضمان إذا لم يقم البينة (وكفى بالله حسيبا) أي كافيا في الشهادة عليكم بالدفع والقبض أو محاسبا، فعليكم بالتصادق وإياكم والتكاذب (الأقربون) هم المتوارثون من ذوي القرابات دون غيرهم (مما قل منه أو كثر) بدل مما ترك بتكرير العامل، و (نصيبا مفروضا) نصب على الاختصاص بمعنى أعني نصيبا مفروضا مقطوعا واجبا لابد لهم من أن يحوزوه ولا يستأثر به، ويجوز أن ينتصب انتصاب المصدر المؤكد كقوله - فريضة من الله - كأنه قيل قسمة مفروضة. روي (أن أوس بن الصامت الأنصاري: (1) ترك امرأته أم كحة وثلاث بنات، فزوى ابنا عمه سويد وعرفطة أو قتادة وعرفجة ميراثه عنهن، وكان أهل الجاهلية لا يورثون النساء والأطفال ويقولون: لا يرث إلا من طاعن بالرماح وذاد عن الحوزة وحاز الغنيمة، فجاءت أم كحة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسجد الفضيخ فشكت إليه، فقال: ارجعي حتى أنظر ما يحدث الله، فنزلت فبعث إليهما لا تفرقا من مال أوس شيئا فإن الله قد جعل لهن نصيبا، ولم يبين حتى يبين، فنزلت - يوصيكم الله - فأعطى أم كحة الثمن والبنات الثلثين والباقي ابني العم) (وإذا حضر القسمة) أي قسمة التركة (أولوا القربى) ممن لا يرث (فارزقوهم منه) الضمير لما ترك الولدان والأقربون وهو أمر على الندب. قال الحسن: كان المؤمنون يفعلون ذلك إذا اجتمعت الورثة حضرهم هؤلاء فرضخوا لهم بالشئ من ورثة المتاع فخصهم الله على ذلك تأديبا من غير أن يكون فريضة، قالوا: ولو كان فريضة لضرب له حد ومقدار كما لغيره من الحقوق. وروي أن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنه قسم ميراث أبيه وعائشة رضي الله عنها حية، فلم يدع في الدار أحدا إلا أعطاه، وتلا هذه الآية. وقيل هو على الوجوب، وقيل هو منسوخ بآية الميراث كالوصية. وعن سعيد بن جبير أن ناسا يقولون نسخت، ووالله ما نسخت ولكنها مما تهاون به الناس. والقول المعروف أن يلطفوا لهم القول ويقولوا: خذوا بارك الله عليكم ويعتذروا إليهم ويستقلوا ما أعطوهم ولا يستكثروه ولا يمنوا عليهم. وعن الحسن والنخعي: أدركنا الناس وهم يقسمون على القرابات والمساكين واليتامى من العين يعنيان الورق والذهب، فإذا قسم الورق والذهب وصارت القسمة إلى الأرضين والرقيق وما أشبه ذلك قالوا لهم قولا معروفا، كانوا يقولون لهم بورك فيكم. لو مع ما في حيزه صلة للذين والمراد بهم الأوصياء أمروا بأن يخشوا الله فيخافوا على من في حجورهم من اليتامى ويشفقوا عليهم خوفهم على ذريتهم لو تركوهم ضعافا

(1) (قوله أوس بن الصامت) كذا بالأصل، والرواية الصحيحة (أوس بن ثابت) اه‍.
(٥٠٣)
مفاتيح البحث: أوس بن ثابت (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 497 498 499 500 502 503 504 505 506 507 508 ... » »»