____________________
الكهولة التي يستحكم فيها العقل ويستنبأ فيها الأنبياء، ومن بدع التفاسير أن قولها (رب) نداء لجبريل عليه السلام بمعنى يا سيدي (ونعلمه) عطف على يبشرك أو على وجيها أو على يخلق أو هو كلام مبتدأ، وقرأ عاصم ونافع ويعلمه بالياء. فإن قلت: علام تحمل ورسولا ومصدقا من المنصوبات المتقدمة وقوله أني قد جئتكم ولما بين يدي يأبى حمله عليها؟ قلت: هو من المضايق وفيه وجهان: أحدهما أن يضمر له وأرسلت على إرادة القول تقديره ونعلمه الكتاب والحكمة، ويقول أرسلت رسولا بأني قد جئتكم ومصدقا لما بين يدي. والثاني أن الرسول والمصدق فيها معنى النطق فكأنه قيل: وناطقا بأني قد جئتكم وناطقا بأني أصدق ما بين يدي. وقرأ اليزيدي ورسول عطفا على كلمة (أني قد جئتكم) أصله أرسلت بأني قد جئتكم فحذف الجار وانتصب بالفعل و (أني أخلق) نصب بدل من أني قد جئتكم، أو جر بدل من آية، أو رفع على هي أني أخلق لكم. وقرئ إني بالكسر على الاستئناف: أي أقدر لكم شيئا مثل صورة الطير (فأنفخ فيه) الضمير للكاف: أي في ذلك الشئ المماثل لهيئة الطير (فيكون طيرا) فيصير طيرا كسائر الطيور حيا طيارا، وقرأ عبد الله فأنفخها قال: كالهبرقى تنحى ينفخ الفحما. وقيل لم يخلق غير الخفاش (الأكمه) الذي ولد أعمى، وقيل هو الممسوح العين، ويقال لم يكن في هذه الأمة أكمه غير قتادة بن دعامة السدوسي صاحب التفسير، وروي أنه ربما اجتمع عليه خمسون ألفا من المرضى من أطاق منهم أتاه ومن لم يطق أتاه عيسى، وما كانت مداواته إلا بالدعاء وحده، وكرر (بإذن الله) دفعا لوهم من توهم فيه اللاهوتية، وروي أنه أحيا سام بن نوح وهم ينظرون فقالوا هذا سحر فأرنا آية، فقال يا فلان أكلت كذا ويا فلان خبئ لك كذا، وقيل تذخرون بالذال والتخفيف (ولأحل) رد على قوله بآية من ربكم: أي جئتكم بآية من ربكم ولأحل لكم، ويجوز أن يكون مصدقا مردودا عليه أيضا: أي جئتكم بآية وجئتكم مصدقا، وما حرم الله عليهم في شريعة موسى الشحوم والثروب ولحوم الإبل والسمك وكل ذي ظفر، فأحل لهم عيسى بعض ذلك، قيل أحل لهم من السمك والطير ما لا صيصية له، واختلفوا في إحلاله لهم السبت، وقرئ حرم عليكم على تسمية الفاعل وهو ما بين يدي من التوراة أو الله عز وجل أو موسى عليه السلام، لأن ذكر