الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ١ - الصفحة ٤٢٠
فإن أسلموا فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما عليك البلاغ والله بصير بالعباد. إن الذين يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير حق ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس فبشرهم بعذاب أليم. أولئك الذين حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وما لهم من ناصرين. ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يدعون إلى كتاب الله ليحكم بينهم ثم يتولى فريق منهم وهم معرضون.
____________________
أسدادا بينه وبين الإذعان، وكذلك في هل فهمتها توبيخ بالبلادة وكلة القريحة، وفي: فهل أنتم منتهون بالتقاعد عن الانتهاء والحرص الشديد على تعاطي المنهي عنه (فإن أسلموا فقد اهتدوا) فقد نفعوا أنفسهم حيث خرجوا من الضلال إلى الهدى ومن الظلمة إلى النور (وإن تولوا) لم يضروك فإنك رسول منبه ما عليك إلا أن تبلغ الرسالة وتنبه على طريق الهدى. قرأ الحسن يقتلون النبيين وقرأ حمزة ويقاتلون الذين يأمرون، وقرأ عبد الله وقاتلوا، وقرأ أبي يقتلون النبيين والذين يأمرون، وهم أهل الكتاب قتل أولوهم الأنبياء وقتلوا أتباعهم وهم راضون بما فعلوا وكانوا حول قتل (1) رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين لولا عصمة الله. وعن أبي عبيدة بن الجراح " قلت يا رسول الله أي الناس أشد عذابا يوم القيامة؟ قال: رجل قتل نبيا، أو رجلا أمر بمعروف ونهى عن منكر ثم قرأها، ثم قال: يا أبا عبيدة قتلت بنو إسرائيل ثلاثة وأربعين نبيا من أول النهار في ساعة واحدة، فقام مائة واثنا عشر رجلا من عباد بني إسرائيل فأمروا قتلتهم بالمعروف ونهوهم عن المنكر، فقتلوا جميعا من آخر النهار " (في الدنيا والآخرة) لأن لهم اللعنة والخزي في الدنيا والعذاب في الآخرة. فإن قلت: لم دخلت الفاء في خبر إن؟ قلت: لتضمن اسمها معنى الجزاء كأنه قيل: الذين يكفرون فبشرهم بمعنى من يكفر فبشرهم، وإن لا تغير معنى الابتداء فكان دخولها كلا دخول، ولو كان مكانها ليت أو لعل لامتنع إدخال الفاء لتغير معنى الابتداء (أوتوا نصيبا من الكتاب) يريد أحبار اليهود، وأنهم حصلوا نصيبا وافرا من التوراة، ومن إما للتبعيض وإما للبيان، أو حصلوا من جنس الكتب المنزلة أو من اللوح التوراة وهي نصيب عظيم (يدعون إلى كتاب الله) وهو التوراة (ليحكم بينهم) وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل مدارسهم فدعاهم، فقال لهم نعيم بن عمرو والحارث بن زيد: على أي دين أنت؟ قال: على ملة إبراهيم، قالا إن إبراهيم كان يهوديا، قال لهما: إن بيننا وبينكم التوراة فهلموا إليها فأبيا وقيل نزلت في الرجم وقد اختلفوا فيه. وعن الحسن وقتادة كتاب الله القرآن لأنهم قد علموا أنه كتاب الله لم يشكوا فيه (ثم يتولى فريق منهم) استبعاد لتوليهم بعد علمهم بأن الرجوع إلى كتاب الله واجب (وهم معرضون) وهم قوم لا يزال الإعراض ديدنهم، وقرئ ليحكم على البناء للمفعول والوجه أن يراد ما وقع من الاختلاف والتعادي بين من أسلم من أحبارهم وبين من لم يسلم، وأنهم دعوا إلى كتاب الله الذي لا اختلاف بينهم في صحته وهو التوراة، وليحكم بين المحق والمبطل منهم، ثم يتولى فريق منهم وهو الذين لم يسلموا، وذلك أن قوله ليحكم

(1) قوله: وكانوا حول قتل إلخ، عبارة أبي السعود: وكانوا حائمين حول إلخ كتبه مصححه.
(٤٢٠)
مفاتيح البحث: القتل (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 415 416 417 418 419 420 421 422 423 424 425 ... » »»