____________________
الإسلام هو العدل والتوحيد، فترى القراءات كلها متعاضدة على ذلك. وقرأ عبد الله أن لا إله إلا هو، وقرأ أبي إن الدين عند الله الإسلام، وهي مقوية لقراءة من فتح الأولى وكسر الثانية، وقرئ شهداء الله بالنصب على أنه حال من المذكورين قبله وبالرفع على هم شهداء الله. فإن قلت: فعلام عطف على هذه القراءة والملائكة وأولوا العلم؟ قلت: على الضمير في شهداء وجاز لوقوع الفاصل بينهما. فإن قلت: لم كرر قوله لا إله إلا هو؟
قلت: ذكره أولا للدلالة على اختصاصه بالوحدانية وأنه لا إله إلا تلك الذات المتميزة، ثم ذكره ثانيا بعد ما قرن بإثبات الوحدانية إثبات العدل للدلالة على اختصاصه بالأمرين كأنه قال: لا إله إلا هذا الموصوف بالصفتين، ولذلك قرن به قوله العزيز الحكيم لتضمنهما معنى الوحدانية والعدل (الذين أوتوا الكتاب) أهل الكتاب من اليهود والنصارى واختلافهم أنهم تركوا الإسلام وهو التوحيد والعدل (من بعد ما جاءهم العلم) أنه الحق الذي لا محيد عنه فثلثت النصارى وقالت اليهود عزير ابن الله، وقالوا كنا أحق بأن تكون النبوة فينا من قريش لأنهم أميون ونحن أهل الكتاب وهذا تجويز لله (بغيا بينهم) أي ما كان ذلك الاختلاف وتظاهر هؤلاء بمذهب وهؤلاء بمذهب إلا حسدا بينهم وطلبا منهم للرياسة وحظوظ الدنيا واستتباع كل فريق ناسا يطئون أعقابهم لا شبهة في الإسلام. وقيل هو اختلافهم في نبوة محمد صلى الله عليه وسلم حيث آمن به بعض وكفر به بعض. وقيل هو اختلافهم في الإيمان بالأنبياء، فمنهم من آمن بموسى ومنهم من آمن بعيسى. وقيل هو اليهود، واختلافهم أن موسى عليه السلام حين احتضر استودع التوراة سبعين حبرا من بني إسرائيل وجعلهم أمناء عليها واستخلف يوشع، فما مضى قرن بعد قرن اختلف أبناء السبعين بعد ما جاءهم علم التوراة بغيا بينهم وتحاسدا على حظوظ الدنيا والرياسة. وقيل هم النصارى واختلافهم في أمر عيسى بعد ما جاءهم العلم أنه عبد الله ورسوله (فإن حاجوك) فإن جادلوك في الدين (فقل أسلمت وجهي لله) أي أخلصت نفسي وجملتي لله وحده: لم أجعل فيها لغيره شريكا بأن أعبده وأدعوه إلها معه، يعني أن ديني دين التوحيد وهو الدين القيم الذي ثبتت عندكم صحته كما ثبت عندي وما جئت بشئ بديع حتى تجادلوني فيه، ونحوه - قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أن لا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا - فهو دفع للمحاجة بأن ما هو عليه ومن معه من المؤمنين هو حق اليقين الذي لا لبس فيها فما معنى المحاجة فيه (ومن اتبعن) عطف على التاء في أسلمت وحسن للفاصل، ويجوز أن تكون الواو بمعنى مع فيكون مفعولا معه (وقل للذين أوتوا الكتاب) من اليهود والنصارى (والأميين) والذين لا كتاب لهم من مشركي العرب (أأسلمتم) يعني أنه قد أتاكم من البينات ما يوجب الإسلام ويقتضي حصوله لا محالة، فهل أسلمتم أم أنتم بعد على كفركم، وهذا كقولك لمن لخصت له المسألة ولم تبق من طرق البيان والكشف طريقا إلا سلكته: هل فهمتها لا أم لك، ومنه قوله عز وعلا - فهل أنتم منتهون - بعد ما ذكر الصوارف عن الخمر والميسر، وفي هذا استقصار وتعبير بالمعاندة وقلة الإنصاف لأن المنصف إذا تجلت له الحجة لم يتوقف إذعانه للحق وللمعاند بعد تجلي الحجة ما يضرب
قلت: ذكره أولا للدلالة على اختصاصه بالوحدانية وأنه لا إله إلا تلك الذات المتميزة، ثم ذكره ثانيا بعد ما قرن بإثبات الوحدانية إثبات العدل للدلالة على اختصاصه بالأمرين كأنه قال: لا إله إلا هذا الموصوف بالصفتين، ولذلك قرن به قوله العزيز الحكيم لتضمنهما معنى الوحدانية والعدل (الذين أوتوا الكتاب) أهل الكتاب من اليهود والنصارى واختلافهم أنهم تركوا الإسلام وهو التوحيد والعدل (من بعد ما جاءهم العلم) أنه الحق الذي لا محيد عنه فثلثت النصارى وقالت اليهود عزير ابن الله، وقالوا كنا أحق بأن تكون النبوة فينا من قريش لأنهم أميون ونحن أهل الكتاب وهذا تجويز لله (بغيا بينهم) أي ما كان ذلك الاختلاف وتظاهر هؤلاء بمذهب وهؤلاء بمذهب إلا حسدا بينهم وطلبا منهم للرياسة وحظوظ الدنيا واستتباع كل فريق ناسا يطئون أعقابهم لا شبهة في الإسلام. وقيل هو اختلافهم في نبوة محمد صلى الله عليه وسلم حيث آمن به بعض وكفر به بعض. وقيل هو اختلافهم في الإيمان بالأنبياء، فمنهم من آمن بموسى ومنهم من آمن بعيسى. وقيل هو اليهود، واختلافهم أن موسى عليه السلام حين احتضر استودع التوراة سبعين حبرا من بني إسرائيل وجعلهم أمناء عليها واستخلف يوشع، فما مضى قرن بعد قرن اختلف أبناء السبعين بعد ما جاءهم علم التوراة بغيا بينهم وتحاسدا على حظوظ الدنيا والرياسة. وقيل هم النصارى واختلافهم في أمر عيسى بعد ما جاءهم العلم أنه عبد الله ورسوله (فإن حاجوك) فإن جادلوك في الدين (فقل أسلمت وجهي لله) أي أخلصت نفسي وجملتي لله وحده: لم أجعل فيها لغيره شريكا بأن أعبده وأدعوه إلها معه، يعني أن ديني دين التوحيد وهو الدين القيم الذي ثبتت عندكم صحته كما ثبت عندي وما جئت بشئ بديع حتى تجادلوني فيه، ونحوه - قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أن لا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا - فهو دفع للمحاجة بأن ما هو عليه ومن معه من المؤمنين هو حق اليقين الذي لا لبس فيها فما معنى المحاجة فيه (ومن اتبعن) عطف على التاء في أسلمت وحسن للفاصل، ويجوز أن تكون الواو بمعنى مع فيكون مفعولا معه (وقل للذين أوتوا الكتاب) من اليهود والنصارى (والأميين) والذين لا كتاب لهم من مشركي العرب (أأسلمتم) يعني أنه قد أتاكم من البينات ما يوجب الإسلام ويقتضي حصوله لا محالة، فهل أسلمتم أم أنتم بعد على كفركم، وهذا كقولك لمن لخصت له المسألة ولم تبق من طرق البيان والكشف طريقا إلا سلكته: هل فهمتها لا أم لك، ومنه قوله عز وعلا - فهل أنتم منتهون - بعد ما ذكر الصوارف عن الخمر والميسر، وفي هذا استقصار وتعبير بالمعاندة وقلة الإنصاف لأن المنصف إذا تجلت له الحجة لم يتوقف إذعانه للحق وللمعاند بعد تجلي الحجة ما يضرب