____________________
ولا يخرج فيه: أي لا يكلفها إلا ما يتسع فيه طوقه ويتيسر له دون مدى الطاقة والمجهود، وهذا إخبار عن عدله ورحمته كقوله تعالى - يريد الله بكم اليسر - لأنه كان في إمكان الانسان وطاقته أن يصلى أكثر من الخمس ويصوم أكثر من الشهر ويحج أكثر من حجة. وقرأ ابن أبي عبلة وسعها بالفتح (لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت) ينفعها ما كسبت من خير ويضرها ما اكتسبت من شر، لا يؤاخذ بذنبها غيرها، ولا يثاب غيرها بطاعتها. فإن قلت:
لم خص الخير بالكسب والشر بالاكتساب؟ قلت: في الاكتساب اعتمال فلما كان الشر مما تشتهيه النفس وهى منجذبة إليه وأمارة به كانت في تحصيله أعمل وأجد فجعلت لذلك مكتسبة فيه، ولما لم تكن كذلك في باب الخير وصفت بما لا دلالة فيه على الاعتمال: أي لا تؤاخذنا بالنسيان أو الخطأ إن فرط منا. فإن قلت: النسيان والخطأ متجاوز عنهما، فما معنى الدعاء بترك المؤاخذة بهما؟ قلت: ذكر النسيان والخطأ. والمراد بهما ما هما مسببان عنه من التفريط والاغفال، ألا ترى إلى قوله: - وما أنسانيه إلا الشيطان - والشيطان لا يقدر على فعل النسيان وإنما يوسوس فتكون وسوسته سببا للتفريط الذي منه النسيان، ولأنهم كانوا متقين الله حق تقاته فما كانت تفرط منهم فرطة إلا على وجه النسيان والخطأ، فكان وصفهم بالدعاء بذلك إيذانا ببراءة ساحتهم عما يؤاخذون به، كأنه قيل:
إن كان النسيان والخطأ مما يؤاخذ به فما فيهم سبب مؤاخذة إلا الخطأ والنسيان، ويجوز أن يدعو الانسان بما علم أنه حاصل له قبل الدعاء من فضل الله لاستدامته والاعتداد بالنعمة فيه، والاصر: العب ء الذي يأصر حامله: أي يحبسه مكانه لا يستقل به لثقله، أستعير للتكليف الشاق من نحو قتل الأنفس وقطع موضع النجاسة من الجلد والثوب وغير ذلك، وقرئ آصارا على الجمع، وفى قراءة أبى ولا تحمل علينا بالتشديد. فإن قلت: أي فرق بين هذه التشديدة والتي في ولا تحملنا؟ قلت: هذه للمبالغة في حمل عليه وتلك لنقل حمله من مفعول واحد إلى مفعولين (ولا تحملنا مالا طاقة لنا به) من العقوبات النازلة بمن قبلنا، طلبوا الاعفاء عن التكليفات الشاقة التي كلفها من قبلهم، ثم عما نزل عليهم من العقوبات على تفريطهم في المحافظة عليها. وقيل المراد به الشاق الذي لا يكاد يستطاع
لم خص الخير بالكسب والشر بالاكتساب؟ قلت: في الاكتساب اعتمال فلما كان الشر مما تشتهيه النفس وهى منجذبة إليه وأمارة به كانت في تحصيله أعمل وأجد فجعلت لذلك مكتسبة فيه، ولما لم تكن كذلك في باب الخير وصفت بما لا دلالة فيه على الاعتمال: أي لا تؤاخذنا بالنسيان أو الخطأ إن فرط منا. فإن قلت: النسيان والخطأ متجاوز عنهما، فما معنى الدعاء بترك المؤاخذة بهما؟ قلت: ذكر النسيان والخطأ. والمراد بهما ما هما مسببان عنه من التفريط والاغفال، ألا ترى إلى قوله: - وما أنسانيه إلا الشيطان - والشيطان لا يقدر على فعل النسيان وإنما يوسوس فتكون وسوسته سببا للتفريط الذي منه النسيان، ولأنهم كانوا متقين الله حق تقاته فما كانت تفرط منهم فرطة إلا على وجه النسيان والخطأ، فكان وصفهم بالدعاء بذلك إيذانا ببراءة ساحتهم عما يؤاخذون به، كأنه قيل:
إن كان النسيان والخطأ مما يؤاخذ به فما فيهم سبب مؤاخذة إلا الخطأ والنسيان، ويجوز أن يدعو الانسان بما علم أنه حاصل له قبل الدعاء من فضل الله لاستدامته والاعتداد بالنعمة فيه، والاصر: العب ء الذي يأصر حامله: أي يحبسه مكانه لا يستقل به لثقله، أستعير للتكليف الشاق من نحو قتل الأنفس وقطع موضع النجاسة من الجلد والثوب وغير ذلك، وقرئ آصارا على الجمع، وفى قراءة أبى ولا تحمل علينا بالتشديد. فإن قلت: أي فرق بين هذه التشديدة والتي في ولا تحملنا؟ قلت: هذه للمبالغة في حمل عليه وتلك لنقل حمله من مفعول واحد إلى مفعولين (ولا تحملنا مالا طاقة لنا به) من العقوبات النازلة بمن قبلنا، طلبوا الاعفاء عن التكليفات الشاقة التي كلفها من قبلهم، ثم عما نزل عليهم من العقوبات على تفريطهم في المحافظة عليها. وقيل المراد به الشاق الذي لا يكاد يستطاع