الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ١ - الصفحة ٤١٦
والله يؤيد بنصره من يشاء إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار. زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المئاب. قل أؤنبئكم بخير من ذلكم للذين اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار
____________________
معاينة كسائر المعاينات (والله يؤيد بنصره) كما أيد أهل بدر بتكثيرهم في عين العدو (زين للناس) المزين هو الله سبحانه وتعالى للابتلاء كقوله - إما جعلنا ما على الأرض زينة لها لنبلوهم - ويدل عليه قراءة مجاهد زين للناس على تسمية الفاعل، وعن الحسن الشيطان، والله زينها لهم لأنا لا نعلم أحدا أذم لها من خالقها (حب الشهوات) جعل الأعيان التي ذكرها شهوات مبالغة في كونها مشتهاة محروصا على الاستمتاع بها، والوجه أن يقصد تخسيسها فيسميها شهوات لأن الشهوة مسترذلة عند الحكماء مذموم من اتبعها شاهد على نفسه بالبهيمة وقال: زين للناس حب الشهوات، ثم جاء بالتفسير ليقرر أولا في النفوس أن المزين لهم حبه ما هو إلا شهوات لا غير، ثم يفسره بهذه الأجناس فيكون أقوى لتخسيسها وأدل على ذم من يستعظمها ويتهالك عليها ويرجح طلبها على طلب ما عند الله.
والقنطار المال الكثير، قيل ملء مسك ثور، وعن سعيد بن جبير مائة ألف دينار، ولقد جاء الإسلام يوم جاء وبمكة مائة رجل قد قنطروا. و (المقنطرة) مبنية من لفظ القنطار للتوكيد كقولهم: ألف مؤلفة وبدرة مبدرة.
و (المسومة) المعلمة من السومة وهي العلامة أو المطهمة أو المرعية من أسأم الدابة وسومها. و (الأنعام) الأزواج الثمانية (ذلك) المذكور (متاع الحياة الدنيا). (للذين اتقوا عند ربهم جنات) كلام مستأنف فيه دلالة على بيان ما هو خير من ذلك كما تقول، هل أدلك على رجل عالم عندي رجل من صفته كيت وكيت، ويجوز أن يتعلق اللام بخير واختص المتقين لأنهم هم المنتفعون به، وترتفع (جنات) على هو جنات وتنصره قراءة من قرأ جنات بالجر على
(٤١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 411 412 413 414 415 416 417 418 419 420 421 ... » »»