الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ١ - الصفحة ٣٩٣
مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مئة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله ثم لا يتبعون ما أنفقوا منا ولا أذى لهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون
____________________
بضمتين وجزا بالتشديد، ووجههما أنه خفف بطرح همزته ثم شدد كما يشدد في الوقف إجراء للوصل مجرى الوقف (مثل الذين ينفقون) لابد من حذف مضاف: أي مثل نفقتهم كمثل حبة أو مثلهم كمثل باذر حبة.
والمنبت هو الله ولكن الحبة لما كانت سببا أسند إليها الانبات كما يسند إلى الأرض وإلى الماء، ومعنى إنباتها سبع سنابل: أن تخرج ساقا يتشعب منها سبع شعب لكل واحدة سنبلة، وهذا التمثيل تصوير للاضعاف كأنها ماثلة بين عيني الناظر. فإن قلت: كيف صح هذا التمثيل والممثل به غير موجود؟ قلت: بل هو موجود في الدخن والذرة وغيرهما، وربما فرخت ساق البرة في الأراضي القوية المغلة فيبلغ حبها هذا المبلغ، ولو لم يوجد لكان صحيحا على سبيل الفرض والتقدير. فإن قلت: هلا قيل سبع سنبلات على حقه من التمييز لجمع القلة كما قال (وسبع سنبلات خضر؟) قلت: هذا لما قدمت عند قوله ثلاثة قروء من وقوع أمثلة الجمع متعاورة مواقعها (والله يضاعف لمن يشاء) أي يضاعف تلك المضاعفة لمن يشاء لا لكل منفق لتفاوت أحوال المنفقين أو يضاعف سبع المائة ويزيد عليها أضعافها لمن يستوجب ذلك. المن: أن يعتد على من أحسن إليه بإحسانه ويريه أنه اصطنعه وأوجب عليه حقا له، وكانوا يقولون إذا صنعتم صنيعة فانسوها ولبعضهم:
وإن امرأ أسدى إلى صنيعة * وذكرنيها مرة للئيم وفي نوابغ الكلم: صنوان من منح سائله ومن ومن منع نائله وضن، وفيها طعم الآلاء أحلى من المن وهو أمر
(٣٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 388 389 390 391 392 393 394 395 396 397 398 ... » »»