____________________
من اللألاء مع المن، والأذى أن يتطاول عليه بسبب ما أزال إليه (1) ومعنى ثم إظهار التفاوت بين الانفاق وترك المن والأذى، وأن تركهما خير من نفس الانفاق، كما جعل الاستقامة على الايمان خيرا من الدخول فيه بقوله (ثم استقاموا) فإن قلت: أي فرق بين قوله (لهم أجرهم) وقوله فيما بعد (فلهم أجرهم)؟ قلت: الموصول لم يضمن ههنا معنى الشرط وضمنه ثمة. والفرق بينهما من جهة المعنى أن الفاء فيهما دلالة على أن الانفاق به استحق الاجر وطرحها عار عن تلك الدلالة (قول معروف) رد جميل (ومغفرة) وعفو عن السائل إذا وجد منه ما يثقل على المسؤول أو ونيل مغفرة من الله بسبب الرد الجميل أو عفو من جهة السائل لأنه إذا رده ردا جميلا عذره (خير من صدقة يتبعها أذى) وصح الاخبار عن المبتدأ النكرة لاختصاصه بالصفة (والله غنى) لا حاجة به إلى منفق يمن ويؤذى (حليم) عن معاجلته بالعقوبة وهذا سخط منه ووعيد له، ثم بالغ في ذلك بما أتبعه (كالذي ينفق ماله) أي لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى كإبطال المنافق الذي ينفق ماله (رئاء الناس) لا يريد بإنفاقه رضا الله ولا ثواب الآخرة (فمثله كمثل صفوان) مثله ونفقته التي لا ينتفع بها البتة بصفوان بحجر أملس عليه تراب. وقرأ سعيد بن المسيب صنوان بوزن كروان (فأصابه وابل) مطر عظيم القطر (فتركه صلدا) أجرد نقيا من التراب الذي كان عليه، ومنه صلد جبين الأصلع: إذا برق (لا يقدرون على شئ مما كسبوا) كقوله - فجعلناه هباء منثورا - ويجوز أن تكون الكاف في محل النصب على الحال: أي لا تبطلوا صدقاتكم مماثلين الذي ينفق. فإن قلت: كيف قال: لا يقدرون بعد قوله: كالذي ينفق؟ قلت: أراد بالذي ينفق الجنس أو الفريق الذي ينفق ولان من والذي يتعاقبان فكأنه قيل كمن ينفق (وتثبيتا من أنفسهم) وليثبتوا منها ببذل المال الذي هو شقيق الروح وبذله أشق شئ على النفس على سائر العبادات الشاقة وعلى الايمان، لان النفس إذا ريضت بالتحامل عليها وتكليفها ما يصعب عليها ذلت خاضعة لصاحبها وقل طمعها في اتباعه لشهواتها وبالعكس فكان إنفاق المال تثبيتا لها على الايمان واليقين، ويجوز أن