الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ١ - الصفحة ٣٧٦
وقوموا لله قانتين فإن خفتم فرجالا أو ركبانا فإذا أمنتم فاذكروا الله كما علمكم ما لم تكونوا تعلمون
____________________
الأوسط، وإنما أفردت وعطفت على الصلاة لانفرادها بالفضل وهى صلاة العصر. وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال يوم الأحزاب (شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر ملأ الله بيوتهم نارا) وقال عليه الصلاة والسلام (إنها الصلاة التي شغل عنها سليمان بن داود حتى توارت بالحجاب) وعن حفصة أنها قالت لمن كتب لها المصحف: إذا بلغت هذه الآية فلا تكتبها حتى أمليها عليك كما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرؤها، فأملت عليه: والصلاة الوسطى صلاة العصر. وروى عن عائشة وابن عباس رضي الله عنهم: والصلاة الوسطى وصلاة العصر بالواو، فعلى هذه القراءة يكون التخصيص لصلاتين إحداهما الصلاة الوسطى إما الظهر وإما الفجر وإما المغرب على اختلاف الروايات فيهما، والثانية العصر وقيل فضلها لما في وقتها من اشتغال الناس بتجاراتهم ومعايشهم. وعن ابن عمر رضي الله عنهما هي صلاة الظهر لأنها في وسط النهار، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصليها بالهاجرة ولم تكن صلاة أشد على أصحابه منها. وعن مجاهد هي الفجر لأنها بين صلاتي النهار وصلاتي الليل. وعن قبيصة بن ذؤيب هي المغرب لأنها وتر النهار ولا تنقص في السفر من الثلاث. وقرأ عبد الله وعلى الصلاة الوسطى. وقرأت عائشة رضي الله عنها والصلاة الوسطى بالنصب على المدح والاختصاص. وقرأ نافع الوسطى بالصاد (وقوموا لله) في الصلاة (قانتين) ذاكرين الله في قيامكم، والقنوط أن تذكر الله قائما. وعن عكرمة كانوا يتكلمون في الصلاة فنهوا. وعن مجاهد هو الركود وكف الأيدي والبصر. وروى أنهم كانوا إذا قام أحدهم إلى الصلاة هاب الرحمن أن يمد بصره أو يلتفت أو يقلب الحصى أو يحدث نفسه بشئ من أمور الدنيا (فان خفتم) فإن كان بكم خوف من عدو أو غيره (فرجالا) فصلوا راجلين وهو جمع راجل كقائم وقيام أو رجل يقال رجل رجل: أي راجل. وقرئ فرجالا بضم الراء ورجالا بالتشديد ورجلا. وعن أبي حنيفة رحمه الله لا يصلون في حال المشي والمسابقة مالم يمكن الوقوف. وعند الشافعي رحمه الله يصلون في كل حال والراكب يرمى ويسقط عنه التوجه إلى القبلة (فإذا أمنتم) فإذا زال خوفكم (فاذكروا الله كما علمكم مالم تكونوا تعلمون) من صلاة الامن، أو فإذا أمنتم فاشكروا الله على الامن واذكروه بالعبادة كما أحسن إليكم بما علمكم من الشرائع وكيف تصلون في حال الخوف وفى حال الامن، تقديره فيمن قرأ وصية بالرفع، ووصية الذين يتوقون أو وحكم
(٣٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 371 372 373 374 375 376 377 378 379 380 381 ... » »»