الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ١ - الصفحة ٣٥١
والله سريع الحساب واذكروا الله في أيام معدودات فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه
____________________
الثواب الذي هو المنافع لحسنة أو من أجل ما كسبوا كقوله: - مما خطيئاتهم أغرقوا - أو لهم نصيب مما دعوا به نعطيهم منه ما يستوجبونه بحسب مصالحهم في الدنيا واستحقاقهم في الآخرة، وسمى الدعاء كسبا لأنه من الأعمال والأعمال موصوفة بالكسب بما كسبت أيديكم، ويجوز أن يكون أولئك للفريقين جميعا وأن لكل فريق نصيبا من جنس ما كسبوا (والله سريع الحساب) يوشك أن يقيم القيامة ويحاسب العباد فبادروا إكثار الذكر وطلب الآخرة، أو وصف نفسه بسرعة حساب الخلائق على كثرة عددهم وكثرة أعمالهم ليدل على كمال قدرته ووجوب الحذر منه. وروى أنه يحاسب الخلق في قدر حلب الشاة، وروى في مقدار فواق ناقة وروى في مقدار لمحة الأيام المعدودات، أيام التشريق، وذكر الله فيها التكبير في أدبار الصلوات وعند الجمار. وعن علي رضى الله.
عنه أنه كان يكبر في فسطاطه بمنى فيكبر من حوله حتى يكبر الناس في الطريق وفى الطواف) فمن تعجل) فمن عجل في النفر أو استعجل النفر، وتعجل واستعجل يجيئان مطاوعين بمعنى عجل، يقال تعجل في الأمر واستعجل ومتعديين يقال تعجل الذهاب واستعجله، والمطاوعة أوفق لقوله ومن تأخر، كما هي كذلك في قوله:
قد يدرك المتأني بعض حاجته وقد يكون مع المستعجل الزلل لأجل المتأني (في يومين) بعد يوم النحر يوم القمر وهو اليوم الذي يسميه أهل مكة يوم الرؤوس اليوم بعده ينفر إذا فرغ من رمى الجمار كما يفعل الناس اليوم وهو مذهب الشافعي، ويروى عن قتادة وعند أبي حنيفة وأصحابه:
ينفر قبل طلوع الفجر (ومن تأخر) حتى رمى في اليوم الثالث والرمي في اليوم الثالث يجوز تقديمه على الزوال عند أبي حنيفة وعند الشافعي لا يجوز. فإن قلت: كيف قال (فلا إثم عليه) عند التعجل والتأخر جميعا؟ قلت: دلالة على أن التعجل والتأخر مخير فيهما كأنه قيل فتعجلوا أو تأخروا. فان قلت: أليس التأخر بأفضل؟ قلت: بلى
(٣٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 346 347 348 349 350 351 352 353 354 355 356 ... » »»