الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ١ - الصفحة ٣٥٤
نعمة الله من بعد ما جاءته فإن الله شديد العقاب زين للذين كفروا الحياة الدنيا ويسخرون من الذين آمنوا والذين اتقوا فوقهم يوم القيامة
____________________
صحة دين الاسلام، و (نعمة الله) آياته وهى أجل نعمة من الله لأنها أسباب الهدى والنجاة من الضلالة، وتبديلهم إياها أن الله أظهرها لتكون أسباب هداهم فجعلوها أسباب ضلالتهم كقوله - فزادتهم رجسا إلى رجسهم - أو حرفوا آيات الكتب الدالة على دين محمد صلى الله عليه وسلم. فإن قلت: كما استفهامية أم خبرية؟ قلت: تحتمل الأمرين ومعنى الاستفهام فيها للتقرير. فإن قلت: ما معنى (من بعد ما جاءته)؟ قلت: معناه من بعد ما تمكن من معرفتها أو عرفها كقوله - ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه - لأنه إذا لم يتمكن من معرفتها أو لم يعرفها فكأنها غائبة عنه، وقرئ ومن يبدل بالتخفيف. المزين هو الشيطان زين لهم الدنيا وحسنها في أعينهم بوساوسه وحببها إليهم فلا يريدون غيرها، ويجوز أن يكون الله قد زينها لهم بأن خذلهم حتى استحسنوها وأحبوها أو جعل إمهال المزين له تزيينا ويدل عليه قراءة من قرأ (زين للذين كفروا الحياة الدنيا) على البناء للفاعل (ويسخرون من الذين آمنوا) كانت الكفرة يسخرون من المؤمنين الذين لاحظ لهم من الدنيا كابن مسعود وعمار وصهيب وغيرهم: أي لا يريدون غيرها وهم يسخرون ممن لاحظ له فيها أو ممن يطلب غيرها (والذين اتقوا فوقهم يوم القيامة) لأنهم
(٣٥٤)
مفاتيح البحث: يوم القيامة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 349 350 351 352 353 354 355 356 357 358 359 ... » »»