الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ١ - الصفحة ٣١٣
إبراهيم بنيه ويعقوب يا بنى إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون.
أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه
____________________
كلمة باقية دليل على أن التأنيث على تأويل الكلمة (ويعقوب) عطف على إبراهيم داخل في حكمه والمعنى:
ووصى بها يعقوب بنيه أيضا وقرئ ويعقوب بالنصب عطفا على بنيه ومعناه ووصى بها إبراهيم بنيه ونافلته يعقوب (يا بنى) على إضمار القول عند البصريين. وعند الكوفيين يتعلق بوصى لأنه في معنى القول، ونحوه قول القائل:
رجلان من ضبة أخبرانا * إنا رأينا رجلا عريانا بكسر الهمزة فهو بتقدير القول عندنا وعندهم يتعلق بفعل الإخبار وفى قراءة أبى وابن مسعود أن يا بنى (اصطفى لكم الدين) أعطاكم الدين الذي هو صفوة الأديان وهو دين الإسلام ووفقكم للأخذ به (فلا تموتن) معناه فلا يكن موتكم إلا على حال كونكم ثابتين على الإسلام فالنهي في الحقيقة عن كونهم على خلاف حال الإسلام إذا ماتوا كقولك لا تصل إلا وأنت خاشع، فلا تنهاه عن الصلاة ولكن عن ترك الخشوع في حال صلاته فإن قلت فأي نكتة في إدخال حرف النهى على الصلاة وليس بمنهى عنها؟ قلت: النكتة فيه إظهار أن الصلاة التي لا خشوع فيها كلا صلاة فكأنه قال أنهاك عنها إذا لم تصلها على هذه الحالة ألا ترى إلى قوله عليه الصلاة والسلام " لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد " فإنه كالتصريح بقولك لجار المسجد لا تصل إلا في المسجد وكذلك المعنى في الآية إظهار أن موتهم لا على حال الثبات على الإسلام موت لا خير فيه، وأنه ليس بموت السعداء وأن من حق هذا الموت أن لا يحل فيهم وتقول في الأمر أيضا مت وأنت شهيد وليس مرادك الأمر بالموت ولكن بالكون على صفة الشهداء إذا مات وإنما أمرته بالموت اعتدادا منك بميتته وإظهار لفضلها على غيرها وأنها حقيقة بأن يحث عليها (أم كنتم شهداء) هي أم المنقطعة ومعنى الهمزة فيها الإنكار والشهداء جمع شهيد بمعنى الحاضر أي ما كنتم حاضرين يعقوب عليه السلام إذ حضره الموت: أي حين احتضر والخطاب للمؤمنين بمعنى ما شاهدتم ذلك وإنما حصل لكم العلم به من طريق الوحي وقيل الخطاب لليهود لأنهم كانوا يقولون: ما مات
(٣١٣)
مفاتيح البحث: الشهادة (1)، الموت (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 308 309 310 311 312 313 314 315 316 317 318 ... » »»