الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ١ - الصفحة ٢٨٢
فأخذتكم الصاعقة وأنتم تنطرون ثم بعثناكم من بعد موتكم لعلكم تشكرون وظللنا عليكم الغمام وأنزلنا عليكم المن والسلوى
____________________
والذي يرى بالقلب مخافت بها وانتصابها على المصدر لأنها نوع من الرؤية فنصبت بفعلها كما تنصب القرفصاء بفعل الجلوس أو على الحال بمعنى ذوي جهرة وقرئ جهرة بفتح الهاء وهى إما مصدر كالغلبة وإما جمع جاهر وفى هذا الكلام دليل على أن موسى عليه الصلاة والسلام رادهم القول وعرفهم أن رؤية ما لا يجوز عليه أن يكون في جهة محال وأن من استجاز على الله الرؤية فقد جعله من جملة الأجسام أو الأعراض فرادوه بعد بيان الحجة ووضوح البرهان ولجوا فكانوا في الكفر كعبدة العجل فسلط الله عليهم الصعقة كما سلط على أولئك القتل تسوية بين الكافرين ودلالة على عظمها بعظم المحنة و (الصاعقة) ما صعقهم أي أماتهم قيل نار وقعت من السماء فاحرقهم وقيل صيحة جاءت من السماء وقيل أرسل الله جنودا سمعوا بحسها فخروا صعقين ميتين يوما وليلة وموسى عليه السلام لم تكن صعقته موتا ولكن غشية بدليل قوله - فلما أفاق - والظاهر أنه أصابهم ما ينظرون إليه لقوله (وأنتم تنطرون) وقرأ علي رضي الله عنه " فأخذتهم الصعقة " لعلكم تشكرون نعمة البعث بعد الموت أو نعمة الله بعد ما كفرتموها إذا رأيتم بأس الله في رميكم بالصاعقة وإذا فتكم الموت (وظللنا) وجعلنا الغمام يظلكم وذلك في التيه سخر الله لهم السحاب يسير بسيرهم يظللهم من الشمس وينزل بالليل عمود من نار يسيرون في ضوئه وثيابهم لا تتسخ ولا تبلى وينزل عليهم (المن) وهو الترنجبين مثل الثلج من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس لكل إنسان صاع ويبعث الله الجنوب فتحشر عليهم (السلوى) وهى السماني فيذبح الرجل منها
(٢٨٢)
مفاتيح البحث: الموت (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 277 278 279 280 281 282 283 284 285 286 287 ... » »»