____________________
يقول: واستعينوا بالصبر والصلاة. وقيل الصبر الصوم لأنه حبس عن المفطرات، ومنه قيل لشهر رمضان شهر الصبر، ويجوز أن يراد بالصلاة الدعاء وأن يستعان على البلايا بالصبر والالتجاء إلى الدعاء والابتهال إلى الله تعالى في دفعه (وإنها) الضمير للصلاة أو للاستعانة ويجوز أن يكون لجميع الأمور التي أمر بها بنو إسرائيل ونهوا عنها من قوله اذكروا نعمتي إلى واستعينوا (لكبيرة) لشاقة ثقيلة من قولك كبر على هذا الأمر - كبر على المشركين ما تدعوهم إليه - فإن قلت: مالها لم تثقل على الخاشعين والخشوع في نفسه مما يثقل. قلت: لأنهم يتوقعون ما ادخر للصابرين على متاعبها فتهون عليهم ألا ترى إلى قوله تعالى (الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم) أي يتوقعون لقاء ثوابه ونيل ما عنده ويطمعون فيه وفى مصحف عبد الله يعلمون ومعناه يعلمون أن لا بد من لقاء الجزاء فيعملون على حسب ذلك ولذلك فسر يظنون بيتيقنون، وأما من لم يوقن بالجزاء ولم يرج الثواب كانت عليه مشقة خالصة فثقلت عليه كالمنافقين والمرائين بأعمالهم، ومثاله من وعد على بعض الأعمال والصنائع أجرة زائدة على مقدار عمله فتراه يزاوله برغبة ونشاط وانشراح صدر ومضاحكة لحاضريه كأنه يستلذ مزاولته، بخلاف حال عامل يتسخره بعض الظلمة، ومن ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " وجعلت قرة عيني في الصلاة " وكان يقول " يا بلال روحنا " والخشوع: الإخبات والتضامن، ومنه الخشعة للرملة المتطامنة. وأما الخضوع: فاللين والانقياد، ومنه خضعت بقولها: إذا لينته (وإني فضلتكم) نصب عطف على نعمتي: أي اذكروا نعمتي وتفضيلي (على العالمين) على الجم الغفير من الناس كقوله تعالى - باركنا فيها للعالمين - يقال رأيت عالما من الناس يراد الكثرة (يوما) يريد يوم القيامة (لا تجزى) لا تقضى عنها شيئا من الحقوق ومنه الحديث في جذعة بن نيار " تجزى عنك ولا تجزى عن أحد بعدك " و (شيئا) مفعول به ويجوز أن يكون في موضع مصدر: أي قليلا من الجزاء كقوله تعالى - ولا يظلمون شيئا -