____________________
ومن قرأ لا تجزى من أجزأ عنه إذا أغنى عنه فلا يكون في قراءته إلا بمعنى شيئا من الإجزاء وقرأ أبو السرار الغنوي لا تجزى نسمة عن نسمة شيئا وهذه الجملة منصوبة المحل صفة ليوما فإن قلت فأين العائد منها إلى الموصوف قلت هو محذوف تقديره لا تجزى فيه ونحوه ما أنشده أبو علي: تروحي أجدر أن تقيلي أي ماء أجدر بأن تقيلي فيه ومنهم من ينزل فيقول اتسع فيه فأجرى مجرى المفعول به فحذف الجار ثم حذف الضمير كما حذف من قوله أم مال أصابوا ومعنى التنكير أن نفسا من الأنفس لا تجزى عن نفس منها شيئا من الأشياء وهو الإقناط الكلى القطاع للمطامع وكذلك قوله (ولا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل) أي فدية لأنها معادلة للمفدى ومنه الحديث " لا يقبل منه صرف ولا عدل " أي توبة ولا فدية وقرأ قتادة " ولا يقبل شفاعة " على بناء الفعل للفاعل وهو الله عز وجل ونصب الشفاعة وقيل كانت اليهود تزعم أن آباءهم الأنبياء يشفعون لهم فأويسوا.
فإن قلت: هل فيه دليل على أن الشفاعة لا تقبل للعصاة؟ قلت نعم لأنه نفى أن تقضى نفس عن نفس حقا أخلت به من فعل أو ترك ثم نفى أن تقبل منها شفاعة شفيع فعلم أنها لا تقبل للعصاة فإن قلت: الضمير في ولا يقبل منها إلى أي النفسين يرجع؟ قلت: إلى الثانية العاصية غير المجزى عنها وهى التي لا يؤخذ منها عدل ومعنى لا تقبل منها شفاعة إن جاءت بشفاعة شفيع لم تقبل منها ويجوز أن يرجع إلى النفس الأولى على أنها لو شفعت لها لم تقبل شفاعتها كما لا تجزئ عنها شيئا ولو أعطيت عدلا عنها لم يؤخذ منها (ولا هم ينصرون) يعنى ما دلت عليه النفس المنكرة من النفوس الكثيرة والتذكير بمعنى العباد والأناسي كما تقول ثلاثة أنفس أصل (آل) أهل ولذلك يصغر بأهيل فأبدلت هاؤه ألفا وخص استعماله بأولى الخطر والشأن كالملوك وأشباههم فلا يقال آل الإسكاف والحجام و (فرعون) علم لمن ملك العمالقة كقيصر لملك الروم وكسرى لملك الفرس ولعتو الفراعنة، اشتقوا تفرعن فلان إذا عتا وتجبر وفى ملح بعضهم:
قد جاءه موسى الكلوم فزاد في * أقصى تفرعنه وفرط غرامه وقرئ أنجيناكم ونجيتكم (يسومونكم) من سامه خسفا: إذا أولاه ظلما. قال عمرو بن كلثوم:
إذا ما الملك سام الناس خسفا * أبينا أن يقر الخسف فينا وأصله من سام السلعة إذا طلبها كأنه بمعنى يبغونكم (سوء العذاب) ويريدونكم عليه والسوء مصدر السئ يقال أعوذ بالله من سوء الخلق وسوء الفعل يراد قبحهما ومعنى سوء العذاب والعذاب كله سيئ أشده وأقطعه كأنه قبحه بالإضافة إلى سائره، و (يذبحون) بيان لقوله يسومونكم، ولذلك ترك العاطف كقوله تعالى يضاهون قول الذين كفروا وقرأ الزهري يذبحون بالتخفيف كقولك قطعت الثياب وقطعتها وقرأ عبد الله يقتلون وإنما فعلوا بهم ذلك لأن الكهنة أنذروا فرعون بأنه يولد مولود يكون على يده هلاكه كما أنذر نمروذ فلم يغن عنهما اجتهادهما في التحفظ وكان ما شاء الله والبلاء المحنة إن أشير بذلكم إلى صنيع فرعون والنعمة إن أشير به إلى
فإن قلت: هل فيه دليل على أن الشفاعة لا تقبل للعصاة؟ قلت نعم لأنه نفى أن تقضى نفس عن نفس حقا أخلت به من فعل أو ترك ثم نفى أن تقبل منها شفاعة شفيع فعلم أنها لا تقبل للعصاة فإن قلت: الضمير في ولا يقبل منها إلى أي النفسين يرجع؟ قلت: إلى الثانية العاصية غير المجزى عنها وهى التي لا يؤخذ منها عدل ومعنى لا تقبل منها شفاعة إن جاءت بشفاعة شفيع لم تقبل منها ويجوز أن يرجع إلى النفس الأولى على أنها لو شفعت لها لم تقبل شفاعتها كما لا تجزئ عنها شيئا ولو أعطيت عدلا عنها لم يؤخذ منها (ولا هم ينصرون) يعنى ما دلت عليه النفس المنكرة من النفوس الكثيرة والتذكير بمعنى العباد والأناسي كما تقول ثلاثة أنفس أصل (آل) أهل ولذلك يصغر بأهيل فأبدلت هاؤه ألفا وخص استعماله بأولى الخطر والشأن كالملوك وأشباههم فلا يقال آل الإسكاف والحجام و (فرعون) علم لمن ملك العمالقة كقيصر لملك الروم وكسرى لملك الفرس ولعتو الفراعنة، اشتقوا تفرعن فلان إذا عتا وتجبر وفى ملح بعضهم:
قد جاءه موسى الكلوم فزاد في * أقصى تفرعنه وفرط غرامه وقرئ أنجيناكم ونجيتكم (يسومونكم) من سامه خسفا: إذا أولاه ظلما. قال عمرو بن كلثوم:
إذا ما الملك سام الناس خسفا * أبينا أن يقر الخسف فينا وأصله من سام السلعة إذا طلبها كأنه بمعنى يبغونكم (سوء العذاب) ويريدونكم عليه والسوء مصدر السئ يقال أعوذ بالله من سوء الخلق وسوء الفعل يراد قبحهما ومعنى سوء العذاب والعذاب كله سيئ أشده وأقطعه كأنه قبحه بالإضافة إلى سائره، و (يذبحون) بيان لقوله يسومونكم، ولذلك ترك العاطف كقوله تعالى يضاهون قول الذين كفروا وقرأ الزهري يذبحون بالتخفيف كقولك قطعت الثياب وقطعتها وقرأ عبد الله يقتلون وإنما فعلوا بهم ذلك لأن الكهنة أنذروا فرعون بأنه يولد مولود يكون على يده هلاكه كما أنذر نمروذ فلم يغن عنهما اجتهادهما في التحفظ وكان ما شاء الله والبلاء المحنة إن أشير بذلكم إلى صنيع فرعون والنعمة إن أشير به إلى