الحاشية على الكشاف - الشريف الجرجاني - الصفحة ٧٦
الكتبة وعلى المكتب أيضا وهو المراد ههنا وخطأ المبرد إطلاقه على المكتب ورد بنقل الليث إياه فإما أن يكون حقيقة بالاشتراك وإما مجازا لأنه موضع الكتاب بمعنى الكتبة جمع كاتب.
سورة البقرة (قوله يتهجى بها) التهجي: تعداد الحروف بأساميها يقال: هجوت الحروف وهجيتها وتهجيتها ناقصة ومهموزة: أي عددتها بأساميها وفى الأساس ومن المجاز يهجوه أي يعدد معايبه. قال رحمه الله: الباء في بها لتضمن معنى الإتيان: أي يؤتى بها مهجوة قيل عليه إنه سهو لأن المهجوة هي المسميات لا الأسما، فالباء للصلة والآلة أي الألفاظ التي يعدد بها على حذف المفعول بلا واسطية أعني الحروف وإقامة الجار والمجرور مقام الفاعل كما في قولك: الخشب الذي يضرب به وفيه بحث لأن التهجي لو كان بمعنى عد الحروف مطلقا لكان الباء صلة وآلة على قياس قولك: عددت الحروف بأساميها لكنه عد الحروف بأساميها لكنه عد الحروف بأساميها، فإن الحروف إذا عددت ملفوظة بأنفسها لم يكن ذلك تهيجا كما دل عليه قوله فيما سيجئ إن شاء الله تعالى. وأن اللافظ بها غير متهجاة لا يخطى بطائل، وعلى هذا فقولك تهجيت الحروف معناه عددتها بأساميها، فلا تتعلق به الباء صلة وآلة ولا يقال تهجيتها بأساميها إلا أن المصنف جرد التهجي علن التقييد بالأسماء وجعله بمعنى عد الحروف مطلقا أو ضمن معناه الإتيان:
أي أتيت بأسماء الحروف متهجيا إياها وكلاهما خلاف الأصل فجاز الحمل على الثاني وإن كان الأول أظهر. وأما قوله: مهجوة فمعناه مهجوة مسمياتها، ويشبه قوله المصنف والسبب في أن قصرت متهجاة إذا حمل على أن المعنى قصرت الأسماء متهجي مسمياتها ومع هذا الاحتمال لا وجه للجزم بكونه سهوا لا يقال ربما يجعل تهجيت الحروف بأساميها من قبيل أبصرته بعيني فلا حاجة إلى ما ذكرتم من التجريد والتضمين، أنا نقول: هذا على تقدير صحته محالف للظاهر أيضا بعيد عن مناسبة المقام فلا حجر معه أيضا عن ارتكاب التضمين (قوله المبسوطة) أي المتفرقة
(٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81 ... » »»