وكتاب الحجة كتاب له في توجيه القراءات وحججها وعللها (قوله قال) أي أبو علي (فإذا كانوا) أي العرب ومن في قوله من الحروف إن كانت بيانية كان المعنى أنهم أمالوا الحروف مع أنها من شأنها أن لا تمال، وأراد بإمالة الحروف تعلق الإمالة بها في الجملة كإمالتم يا في النداء، وإن كانت تبعيضية كانت ما عبارة عن حرف النداء في يا زيد، والمعنى أنهم أمالوا هذه الكلمة التي هي بعض الحروف وحقها أن لا تمال: أي لكونها بعض الحروف، فإن الإمالة لا تجرى في الحروف إلا نادرا على التشبيه والإلحاق بغيره (قوله الاسم الذي هو ياسين) أي الذي هو " يا " من ياسين فإنه المقصود كما صرح به المصنف في قوله ياسين وإمالة يا فقدحكم أبو علي أن يا اسم، ثم عمم الحكم فقال: ألا ترى أن هذه الحروف: أي ياسين وأخواتهما أسماء فعبر عنها بالحروف وصرح بأنها أسماء فعلم أن إطلاق الحروف عليها تسامح على أحد الوجهين كما مر. قال بعض الشارحين: الاستشهاد في قوله أسماء، لا في قوله الاسم الذي هو ياسين، إذ ربما يتوهم أنه أراد به أن مجموع ياسين اسم للسوة، لكن يعلم بالتأمل أنه لو أراد به ذلك لم يبق لقوله ألا ترى إلى قوله لما يلفظ بها معنى، وأنت تعلم أن التوهم الذي يدفعه أول الكلام وآخره لا عبرة به فلا يقدح في الاستشهاد؟ قال أيضا: وكان الأولى أن يقول: الاسم الذي هو يا وكأنه حاول أن يصحح الإمالة على تقدير كون الفواتح أسماء السور، فإن يا حينئذ جزء من الاسم، وقد عرفت أن ذلك التقدير مناف لقوله ألا ترى كما اعترف به هذا القائل، فلا وجه لاعتباره لا وحده ولا مع غيره (قوله لما يلفظ بها) أي للحروف الملفوظة، يقال لفظ القول ولفظ به كلاهما بمعنى واحد، فالضمير في بها راجع إلى ما والظرف قائم مقام الفاعل، وما يلفظ بها كناية عن حروف المباني، فإنها هي الملفوظة حقيقة في تراكيب الكلام ومفرداته، لأن التلفظ بزيد مثلا تلفظ بحروفه على وضع معين وهيئة مخصوصة. وقيل في يلفظ ضمير ما وضمير بها لهذه الحروف أي ما يصير ملفوظا بهذه الحروف أعني مسمياتها التي يعبر عنها بتلك الأسامي، ولا يجوز رجوعه إلى ما لفساد المعنى، إذ ليست هذه الألفاظ أسماء لما يلفظ بها في الجملة بل للملفوظات بعينها، وفيه مخالفة الاستعمال المشهور من أن الباء صلة وأن الملفوظ به بمعنى الملفوظ وارتكاب معنى ركيك وهو جعل ألفاظ مخصوصة ملفوظة بألفاظ أخر هي أسماؤها ومنشؤه الغفول عن وجه الكناية (قوله من أي قبيل هي) أجمل في السؤال أولا ثم فصل بقوله أمعربة أم مبنية، وأتى في الجواب بحرف الإضراب تنبيها على أنه بحث فيه دقة وغموض وشائبة ريبة، وقد سبق منا كلام في نظيره. لا يقال: قد علم أن هذه الأسماء إذا وليتها العوامل أدركها الإعراب فقد علم أنها معربة، فالسؤال مستدرك. لأنا نقول: المعرب يطلق على معنيين: أحدهما مفعول من أعربت الكلمة، والثاني ما يقابل المبنى اصطلاحا. والذي علم من قوله أدركها الإعراب أنها إذا دخلت عليها العوامل كانت معربة بالمعنى الأول، والمقصود من السؤال والجواب أنها حال كونها معددة مفردة ساكنة الأعجاز معربة بالمعنى الثاني والعلم بالأول لا يستلزم العلم بالثاني، كيف وقد ذهب ابن الحاجب إلى أن هذه الأسماء وغيرها مبنية قبل التركيب، على أنه لو
(٨٠)