الحاشية على الكشاف - الشريف الجرجاني - الصفحة ١٨٤
أنه مقيد بلقائهم المؤمنين، وإن الشرطية الثانية معطوفة على الأولى لا على أن كلا منهما شرطية مستقلة كالشرطيتين السابقين، بل على أنهما بمنزلة كلام واحد ظهر أن هذه الآية سيقت لبيان معاملتهم مع المؤمنين أو أهل دينهم، كما أن صدر القصة مسوق لبيان نفاقهم فاضمحل ذلك التوهم. والتكذيب تكلف الكذب. وقوله (فإذا فارقوهم) عطف على ما تؤول به المصادر المؤكدة: أي من أن يكذبوا لهم واستهزأوا بهم ولا قوهم بوجوه المصادقين وأوهموهم أنهم معهم فإذا فارقوهم، والشاطر هو الذي أعيا أهله خبثا، وصدقوهم ما في قلوبهم من صدقه الحديث. وفى الأمثال: صدقني سن بكره (قوله يقال لقيته ولاقيته إذا استقبلته) حق العبارة وتقول على الخطاب فإن الفعل المسند إلى ضمير المتكلم إذا فسر بأي وجب أن يتطابقا في الإسناد إلى المتكلم لأن الثاني تفسير للأول، وجاز حينئذ في صدر الكلام تقول على لفظ الخطاب، ويقال على البناء للمفعول، وإذا جئ بكلمة إذا في مقام التفسير لذلك الفعل كان صدر الكلام في موضع الجزاء، فالواجب حينئذ أن يكون هو وما بعد إذا بصيغة الخطاب: أي إذا استقبلته تقول لقيته، ولا يستقيم إذا استقبلته يقال إلا بتعسف هو تقدير كون القائل نفس المخاطب، وملاقى بتشديد الياء ومراوقى بتخفيفها: أي رواق بيتي إلى رواق بيته وهو ما بين يدي البيت (قوله ومعناه وإذا أنهوا السخرية) أشار إلى أن استعمال خلا بهذا المعنى مع إلى بناء على تضمين معنى الإنهاء كما في أحمده وأذمعه إليك: أي أنهى حمده وذمه، وهذا بيان لحاصل المعنى، وأما تقدير الكلام فهو هكذا: وإذا خلوا أي سخروا منهين إليهم وأحمده وأذمه منهيا إليك، وقد فصل لك هذا فيما سلف (والتمرد) العتو والاعتياد به.
(١٨٤)
مفاتيح البحث: الكذب، التكذيب (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 179 180 181 182 183 184 185 186 187 188 189 ... » »»