كذلك جعل الكلام من قبيل المجاز باعتبار المآل: أي لا يفعلوا ما يؤدى إلى الفساد. وقد يقال: ما كانوا فيه كان عين الفساد في أنفسهم، ومعنى لا تفسدوا: لاتأتوا بالفساد ولا تفعلوا، فلا حاجة إلى المجاز وليس بشئ، إذ ليس إتيان الشخص بفساد نفسه حقيقة الإفساد وفائدة في الأرض التنبيه على أن صنيعهم يؤدى إلى الفساد عام فيها:
أعني هيج الحروب والفتن المؤدى إلى انتفاء الاستقامة عن أحوال الناس في دينهم ودنياهم كما صرح به في تفسير الفساد في الأرض، وإنما لم يحمل إفسادهم على تحريف الكتاب وتغيير الملة ودعوة الكفار في السر إلى تكذيب المسلمين كما حمله غيره، لأنه لا ظهور حينئذ لتلك الفائدة (قوله خلصت لهم وتحضت من غير شائبة) أراد أنه من قبيل قصر الإفراد، فإنهم لما نهوا عن الإفساد وتوهموا أنه قد حكم عليهم بأنهم يخلطونه بالإصلاح فأجابوا بأنهم مقصورون على محض الإصلاح لا يشوبه شئ من وجوه الإفساد والفساد. واختاروا انما تنبيها على أن ذلك مكشوف لاسترة علهى فلا ينبغي أن يشك فيه (قوله وألا مركبة) ذهب إلى أن لفظة ألا مركبة، وكذا أختها إما مركبة من همزة الاستفهام التي للإنكار وحرف النفي لإفادة التنبيه على تحقيق ما بعدها، فإن إنكار النفي تحقيق للإثبات لكنهما بعد التركيب صارتا كلمتي تنبيه يدخلان على ما لا يجوز أن يدخل عليه حرف النفي كقولك ألا، وإما أن زيدا عالم. وذهب الأكثرون إلى أنهما لاتركيب فيهما (قوله بنحو ما يتلقى به القسم) كإن واللام وحرف النفي وطليعة الجيش ما يتقدمه وآخر المصراع الأول * ويحيى العظام البيض وهى رميم * وجواب القسم هو قوله:
لقد كنت أختر الجوى طاوى الحشا * محاذرة من أن يقال لئيم وجواب القسم في قوله:
أما والذي أبكى وأضحك والذي * أمات وأحيا والذي أمره الأمر وقوله: لقد تركتني أحسد الوحش أن أرى * أليفين منها لايروعهما الذعر (قوله رد الله تعالى ما ادعوه) أي لما بالغوا في كونهم مصلحين بولغ في كونهم مفسدين من جهات متعددة الاستئناف فإنه يفيد زيادة تمكن الحكم في ذهن السامع لوروده عليه بعد السؤال والطلب وما في كل واحدة من