من جانب واحد تكلف بارد (قوله على لفظ ما لم يسم فاعله) فينصب أنفسهم حينئذ على نزع الخافض، يقال خدعت زيدا نفسه: أي عن نفسه على طريقة - واختار موسى قومه - أو على التمييز إن جوز كونه معرفة (قوله ثم قيل للقلب) بمعنى العضو الصنوبري (نفس لأن النفس) أي الذات (به) أي قوامها بذلك العضو (ألا ترى إلى قولهم المرء بأصغريه) أي بقلبه ولسانه (وكذلك) أي قيل النفس للقلب (بمعنى الروح) إذ جاء النفس بهذا المعنى أيضا، والمتبادر من كلامه أن لفظ النفس حقيقة في الذات مجاز فيما عداه، وذلك ظاهرا في العدم والماء والرأي الذي سيذكره. ومعنى (عين الرجل) أصابته العين (وصدر الرجل) أصيب صدره (وقولهم) مبتدأ خبره (كأنهم أرادوا) والعائد محذوف أي أرادوا به (وإذا تردد) ظرف لقولهم (والهاجس) ما يخطر في النفس ويدور من هجس إذا خطر، وإطلاق النفس على الرأي والداعي من قبيل تسمية المسبب باسم السبب أو استعارة مبنية على المشابهة. والثاني أنسب بهذا المقام وأظهر بحسب المعنى (قوله والمراد بالأنفس ههنا ذواتهم) وحينئذ يتعين أن يراد بحصر خداعهم في ذواتهم قصر ضرره عليهم كما ذكره في الجواب الأول عن السؤال عن المراد بقوله وما " يخادعون إلا أنفسهم " (قوله ويجوز أن يراد قلوبهم ودواعيهم وآراؤهم) ذكر القلوب تمهيدا لذكر الدواعي والآراء لا أنه وجه آخر، وإذا أريد بالأنفس الدواعي تعين الجوابان الأخيران وكان اعتبار المشابهة أولا كما لا يخفى، فبيان أن المراد بالأنفس أحد هذين المعنيين تتمة للأجوبة الثلاثة (قوله كالذي لا حس له) ففي " لا يشعرون " إشعار بانحطاطهم عن مرتبة البهائم حيث لا يدركون أجل المعلومات فيكون أبلغ وأليق بالمقام من لا يعلمون. وأشار بقوله والمعنى أن لحوق ضرر ذلك بهم كالمحسوس إلى المعنى الأول من معاني خداعهم لأنفسهم فتدبر (قوله واستعمال المرض) أي المرض في اللغة قد يستعمل في القلب على سبيل الحقيقة بأن يراد به الألم وكونه مرضا حقيقة
(١٧٥)