الاستعارة التمثيلية على قياس ما مر تحقيقه في - ختم الله على قلوبهم - فلا تغفل. والجواب الثاني أن المخادعة محمولة على حقيقتها لكنها ترجمة عن معتقدهم الباطل وظنهم الفاسد، كأنه قيل: يزعمون أنهم يخدعون الله وأنه يخدهم. وقد أشار بقوله ولا أن لذاته تعلقا بكل معلوم إلى مذهبه: أي هو عالم بالذات لا بعلم قائم بذاته (قوله أن يذكر الله تعالى ويراد الرسول) لم يرد أن لفظ الله تعالى أطلق على رسول الله صلى الله عليه وآله فإنه لا يطلق على غيره تعالى لا حقيقة ولا مجازا، بل أراد أن هناك نسبة إبقاعية من قبيل المجاز العقلي كما فصله في المثال الذي أورده. وملخص الجواب الرابع أن ذكر الله تعالى ليس لتعليق الخدع به بل لمجرد التوطئة، وفائدتها ههنا التنبيه على قوة اختصاص المؤمنين بالله تعالى وقربهم منه، حتى كان الفعل المتعلق به دونه يصح أن يتعلق به أيضا، وكذا الحال في أعجبني زيد وكرمه، فإن ذكر زيد توطئة وتنبيه على أن الكرم قد شاع عنه وتمكن بحيث يصح أن يسند إليه أيضا الإعجاب الذي هو للكرم لا لزيد، ومثل هذا العطف يسمى جاريا مجرى التفسير، وأما قولك أعجبني زيد كرمه على الإبدال فليس في تلك المرتبة من إفادة التلبيس بينهما لدلالته على أن المقصود بالنسبة هو الثاني فقط، وإنما ذكر الأول سلوكا لطريقة الإجمال والتفصيل، وفى صورة العطف قد دل بحسب الظاهر على قصد النسبة إليهما معا فيكون أدل على قوة التمكن (قوله ومثله والله ورسوله أحق أن يرضوه) فإنه وحد فيه الضمير للدلالة على أن المقصود إرضاء الرسول، وأن ذكر الله تعالى للإشعار بأن الرسول من الله تعالى بمنزلة عظيمة واختصاص قوى حتى سرى الإرضاء منه إليه، وكذا الحال في الإيذا فإنهم لا يؤذون الله حقيقة بل الرسول وحده. وأما قوله علمت زيدا فاضلا فهو نظير لما نحن فيه من حيث إن المقصود الأصلي هو الثاني بناء على أن مناط الفائدة ومصب الغرض هو الخبر، إذ منه ينتزع الحكم بالنسبة وإن لم يكن الأول ملغى بالكلية، فلا يرد أن العلم متعلق بالنسبة القائمة بالطرفين فهما مقصودان معا تباعا لها، فلا يكون ذكر زيد توطئة وتمهيدا لذكر فضله، وإنما قال: كأنه قيل
(١٧٢)