من ذلك، وقال تبت يداه للمنع الذي وقع به. ثم قال (وتب) بالعقاب الذي ينزل به فيما بعد، وقيل في قوله (تبت يدا أبي لهب) أنه الدعاء عليه نحو قوله (قاتلهم الله انى يؤفكون) (1) فاما قوله (وتب) فإنه خبر محض، كأنه قال:
وقد تب. وقيل: إنه جواب لقول أبي لهب: تبا لهذا من دين، حين نادى النبي صلى الله عليه وآله بني عبد المطلب، فلما اجتمعوا له قال لهم: إن الله بعثني إلى الناس عاما وإليكم خاصا، وأن اعرض عليكم ما إن قبلتموه ملكتم به العرب والعجم قالوا وما ذلك يا محمد صلى الله عليه وآله قال: أن تقولوا لا إله إلا الله واني رسول الله. فقال أبو لهب تبا لهذا من دين. فأنزل الله تعالى قوله (تبت يدا أبي لهب) والتباب الخسران المؤدي إلى الهلاك تبه يتب تبا، والتباب الهلاك. وفي (تبت يدا) مع أنه إخبار ذم لأبي لهب لعنة الله. وإنما قال: تبت يداه ولم يقل: تب، مع أنه هو الهالك في الحقيقة لأنه جار مجرى قوله كسبت يداه، لان أكثر العمل لما كان باليدين أضيف ذلك اليهما) على معنى الخسران الذي أدى إليه العمل بهما.
وقوله (ما أغني عنه ماله وما كسب) معناه ما نفعه ماله ولا الذي كسبه من الأموال، ولا دفع عنه عقاب الله حين نزل به، فالاغناء عنه الدفع عنه، فأما الاغناء بالمال ونحوه فهو دفع وقوع المضار به.
وقوله (سيصلى نارا ذات لهب) خبر من الله تعالى أن أبا لهب سيصلى نارا ذات لهب، وهي نار جهنم الملتهبة. وفى ذلك دلالة على صدق النبي صلى الله عليه وآله، لأنه اخبر بأنه يموت على كفره، وكان الامر على ذلك.
وقوله (وامرأته حمالة الحطب) قال ابن عباس والضحاك وابن زيد: ان امرأة أبي لهب كانت تحمل الشوك فتطرحه في طريق النبي صلى الله عليه وآله إذا خرج إلى الصلاة