هذا وعد من الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وآله بالنصر بالفتح قبل وقوع الامر وقال الحسن ومجاهد: وعده الله فتح مكة ونصرته على كفار قريش، فيجئ النصر وقوعه على التوقع له، والنصر المعونة على العدو للظهور عليه، لان المعونة قد تكون بالمال على نوائب الزمان، وقد تكون على العدو، وهي النصر دون المعونة الأخرى. والفتح الفرج الذي يمكن معه الدخول في الامر بملك العدو الناصب للحرب، وقد يكون الفرج بالفرق فقط، فلا يكون الفتح بذهاب العدو الذي صار علما على هذا المعنى.
وقوله تعالى (ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا) يعني في طاعة الله وطاعتك: من الاسلام والتزام الاحكام واعتقاد صحته وتوطين النفس على العمل به. وأصل الدين الجزاء. ثم يعبر به عن الطاعة التي يستحق بها الجزاء، كما قال (في دين الملك) (1) أي في طاعته. والفوج جماعة من جماعة، والأفواج جماعات من جماعات. وهكذا كان الناس يدخلون في الدين جماعة بعد جماعة، من جملة القبيلة حتى يتكامل اسلام الجميع.
وقوله (فسبح بحمد ربك واستغفره) امر من الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وآله بأن ينزهه عما لا يليق به من صفات النقص، وأن يستغفره. ووجه وجوب ذلك بالنصر والفتح، أن النعمة به تقتضي القيام بحق النعمة المنافى للمصيبة. فكأنه قال قد حدث أمر يقتضي الاستغفار مما جدده الله لك فاستغفره بالتوبة يقبل ذلك منك، ومخرجه مخرج الخطاب للنبي صلى الله عليه وآله وهو تعليم لجميع أمته. ومعنى (فسبح بحمد ربك) نزهه عما لا يجوز عليه مع شكرك إياه. وقيل معناه: صل شكرا له على ما جدد لك من نعمة. والاستغفار قد يكون عند ذكر المعصية بما ينافي الاصرار، وقد يكون على