وهذا امر من الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وآله ان يقول لجميع المكلفين (هو الله) الذي نحق له العبادة (أحد) ومعناه واحد، فقوله (هو) كناية عن اسم الرب، لأنهم قالوا ما ربك؟ قال هو الله أحد. وقال الكسائي (هو) عماد، وقوله (الله) ابتداء، وخبره (أحد) وانكر الفراء أن يكون العماد مستأنفا، واصل (أحد) وحد فقلبت الواو همزة، كما قيل: وناه وأناه، لان الواو مكروهة أولا، وقد جاء وحد على الأصل قال الشاعر:
كأن رجلي وقد زال النهار بنا * بذي الجليل على مستأنس وحد (1) وحقيقة الوحد شئ لا ينقسم في نفسه أو معنى صفته، فإذا أطلق أحد من غير تقدم موصوف، فهو واحد نفسه، فإذا جرى على، موصوف، فهو أحد في معنى صفته، فإذا قيل: الجزء الذي لا يتجزأ واحد، فهو واحد في معنى صفته، وإذا وصف تعالى بأنه أحد، فمعناه أنه المختص بصفات لا يشاركه فيها غيره: من كونه قديما وقادرا لنفسه وعالما وحيا وموجودا كذلك، وأنه تحق له العبادة لا تجوز لاحد سواه. ولا يجوز أن يكون (أحد) هذه هي التي تقع في النفي، لأنها أعم العام على الجملة أحد، والتفصيل، فلا يصلح ذلك في الايجاب، كقولك ما في الدار أحد أي ما فيها واحد فقط ولا أكثر، ويستحيل هذا في الايجاب، وفى قوله (الله أحد) دليل فساد مذهب المجسمة، لان الجسم ليس ب (أحد إذ هو اجزاء كثيرة، وقد دل الله بهذا القول على أنه أحد، فصح انه ليس بجسم.
وقوله (الله الصمد) معناه الذي تحق له العبادة هو الموصوف بأنه (الصمد) وقيل: في معناه قولان:
أحدهما - قال ابن عباس وشقيق وأبو وائل: إنه السيد المعظم، كما قال الأسدي: