فأقبره (21) ثم إذا شاء أنشره (22) كلا لما يقض ما أمره) (23) ثلا ث عشرة آية.
يقول الله تعالى (كلا) أي ليس الامر ينبغي أن يكون على هذا، وقوله (إنها تذكرة) أي كلا إن السورة تذكرة (فمن شاء ذكره) أي التنزيل أو الوعظ.
وقال قوم: الهاء عماد، والمبتدأ محذوف وتقديره إنها هي تذكرة. والتذكرة حضور الموعظة ففيها أعظم الفائدة وفي الغفلة أكبر الآفة.
والفرق بين التذكرة والمعرفة أن التذكرة ضد الغفلة والمعرفة تضاد الجهل والسهو، فكلاهما يتعاقبان على حال الذكر دون السهو، كتعاقب العلم وأضداده على حال الذكر دون السهو، والذكر معظم، لأنه طريق إلى العلم بالحق من الباطل والصحيح من الفاسد. وقيل: إن قوله (كلا) دال على أنه ليس له ان يفعل ذلك في ما يستأنف. فاما الماضي فلم يدل على أنه معصية، لأنه لم يتقدم النهي عنه.
وقوله (فمن شاء ذكره) دليل على بطلان مذهب المجبرة في أن القدرة مع الفعل، وأن المؤمن لا قدرة له على الكفر، وأن الكافر لا يقدر على الايمان، لأنه تعالى:
بين أن من شاء ان يذكره ذكره لأنه قادر عليه.
وقوله (في صحف مكرمة) أي ما ذكرناه تذكرة في صحف مكرمة أي معظمة مبجلة، ووصفت الصحف بأنها مكرمة تعظيما لما تضمنته على الحكمة. وقوله (مرفوعة مطهرة) أي مصونة عن أن تنالها أيدي الكفار الأنجاس. وقال الحسن:
مطهرة من كل دنس. وقوله (مرفوعة مطهرة) أي رفعها الله عن دنس الأنجاس ونزهها عن ذلك. وقوله (بأيدي سفرة) قيل السفرة ملائكة موكلون بالاسفار من كتب الله. والسفرة الكتبة لأسفار الحكمة، واحدهم سافر، كقولك كاتب