من كل مجتلب شديد أسره * سلس القياد تخاله مختالا (1) واصل الأسر الشد، ومنه قتب مأسور أي مشدود، ومنه الأسير، لأنهم كانوا يشدونه بالقيد، وجاء في التفسير وشددنا مفاصلهم. ثم قال (وإذا شئنا بدلنا أمثالهم تبديلا) معناه إذا شئنا أهلكنا هؤلاء وأمثالهم وجئنا بقوم آخرين بدلهم نخلفهم ونوجدهم.
وقوله (إن هذه تذكرة) قال قتادة: معناه إن هذه السورة تذكرة، والتذكرة دلالة تخص بها المعاني الحكمية، وكل موعظة تدعو إلى مكارم الأخلاق ومحاسن الافعال تذكرة (فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا) أي اتخذ إلى رضا ربه طريقا بأن يعمل بطاعته وينتهي عن معصيته، وذلك يدل على أنه قادر على ذلك قبل ان يفعله بخلاف ما يقوله المجبرة.
وقوله (وما تشاؤن إلا أن يشاء الله) أي وليس تشاؤن شيئا من العمل بطاعته وبما يرضاه ويوصلكم إلى ثوابه إلا والله يشاؤه ويريده لأنه يريد من عباده أن يطيعوه، وليس المراد أن يشاء كل ما يشاؤه العبد من المعاصي والمباحات، لان الحكيم لا يجوز أن يريد القبائح ولا المباح، لان ذلك صفة نقص ويتعالى الله عن ذلك. وقد قال الله تعالى (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) (2) والمعصية والكفر من أعظم العسر فكيف يكون الله تعالى مشيئا له وهل ذلك إلا تناقض ظاهر؟!
وقوله (إن الله كان عليما حكيما) اخبار بأنه - عز وجل - كان عالما بجميع المعلومات وبما يفعله عباده من الطاعة والمعصية (حكيما) في جميع ما يفعله ويأمر به.
ثم قال (يدخل من يشاء في رحمته) من الجنة وثوابها إذا أطاعوه في عمل ما رغبهم