فات الوقت الذي نذر فيه صار بمنزلة الحنث. وقوله (ويخافون يوما) من صفة المؤمنين (كان شره مستطيرا) أي منتشرا فاشيا ذاهبا في الجهات بلغ أقصى المبالغ، قال الأعشى:
فبانت وقد أورثت في الفؤاد * صدعا على نأيها مستطيرا (1) والمراد بالشر - ههنا - أهوال القيامة وشدائدها.
وقوله (ويطعمون الطعام على حبه) قال مجاهد: معناه على شهوتهم له، ويحتمل أن يكون المراد على محبتهم لله (مسكينا) أي يطعمونه فقيرا (ويتيما) وهو الذي لا والد له من الأطفال (وأسيرا) والأسير هو المأخوذ من أهل دار الحرب - في قول قتادة - وقال مجاهد: وهو المحبوس. وقوله (إنما نطعمكم لوجه الله) اخبار عما يقوله المؤمنون بأنا إنما نطعمكم معاشر الفقراء واليتامى والأسرى لوجه الله، ومعناه لله، وذكر الوجه الذكره بأشرف الذكر تعظيما له، ومنه قوله (فأينما تولوا فثم وجه الله) وقيل: معناه فثم جهة الله التي ولاكم إليها ومنه قوله (ويبقى وجه ربك) (2) أي ويبقي الله. وقال مجاهد وسعيد بن جبير: علم الله ما في قلوبهم فأثنى عليهم من غير أن يتكلموا به (لا نريد منكم جزاء) أي لا نطلب بهذا الاطعام مكافأة عاجلة (ولا شكورا) أي لا نطلب أن تشكرونا عليه عند الخلائق بل فعلناه لله (إنا نخاف من ربنا) أي من عقابه (يوما عبوسا) أي مكفهرا عابسا (قمطريرا) أي شديدا، والقمطرير الشديد في الشر. وقد اقمطر اليوم اقمطرارا، وذلك أشد الأيام وأطوله في البلاء والشر، ويوم قمطرير وقماطير كأنه قد التف شر بعضه على بعض، قال الشاعر: