ولا يؤذن لهم فيعتذرون) اخبار من الله تعالى أن ذلك اليوم لا ينطق الكفار.
وقيل في معناه قولان:
أحدهما - ان ذلك اليوم مواطن، فموطن لا ينطقون، لأنهم مبلسون من هول ما يرونه، وموطن يطلق فيه عن ألسنتهم فينطقون، فلذلك حكى عنهم أنهم (قالوا ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين فاعترفنا بذنوبنا فهل إلى خروج من سبيل) (1) وقد يقال هذا يوم لا ينطقون إذا لم ينطقوا في بعضه كما يقال: كان كذا يوم قدم فلان وإن كان قدم في بعضه، لان المعنى مفهوم.
والثاني - انهم ينطقون بنطق لا ينتفعون به، وكأنهم لم ينطقوا، وأضاف الزمان إلى الافعال كقولك أتيتك يوم قدم زيد، وآتيك يوم يخرج عمرو، وأجاز النحويون هذا يوم لا ينطقون بالنصب على أنه يشير إلى الجزاء، ولا يشير إلى اليوم وقوله (ولا يؤذن لهم) فالاذن الاطلاق في الفعل، تقول: يسمع بالاذن فهذا أصله وقد كثر استعماله حتى صار كل دليل ظهر به أن للقادر أن يفعل كذا فهو أذن له، وكل ما أطلق الله فيه بأي دليل كان، فقد أذن فيه.
وقوله تعالى (فيعتذرون) فالاعتذار الانتفاء من خلاف المراد بالمانع من المراد، وليس لاحد عذر في معصية الله، لأنه تعالى لا يكلف نفسا ما لا يطاق. وقد يكون له عذر في معصية غيره، لأنه قد يكلف خلاف الصواب وقد يكلف ما لا يمكن لعارض من الأسباب.
وقوله (فيعتذرون) رفع عطفا على قوله (لا يؤذن) قال الفراء: تقديره لا ينطقون ولا يعتذرون، وقد يجوز في مثله النصب علي جواب النفي، ومعنى الآية لا يؤذن لهم في الاعتذار فكيف يعتذرون.