حال الثواب بالاجلال والاكرام، وللاخر من حال العقاب بالاستخفاف والهوان بما لا يخفى على انسان. وقيل: الوجه في تأجيل الموعود إلى يوم الفصل تحديد الامر للجزاء على جميع العباد فيه بوقوع اليأس من الرد إلى دار التكليف، لان في تصور هذا ما يتأكد به الدعاء إلى الطاعة والانزجار عن المعصية.
وقوله (ويل يومئذ للمكذبين) تهديد ووعيد لمن جحد يوم القيامة وكذب بالثواب والعقاب، وإنما خص الوعيد في الذكر بالمكذبين لان التكذيب بالحق يتبعه كل شئ، فخصال المعاصي تابعة له وإن لم يذكر معه، مع أن التكذيب قد يكون في القول والفعل المخالف للحق، ومنه قولهم: حمل فما كذب حتى لقي العدو فهزمه.
قوله تعالى:
(ألم نهلك الأولين (16) ثم نتبعهم الآخرين (17) كذلك نفعل بالمجرمين (18) ويل يومئذ للمكذبين (19) ألم نخلقكم من ماء مهين (20) فجعلناه في قرار مكين (21) إلى قدر معلوم (22) فقدرنا فنعم القادرون (23) ويل يومئذ للمكذبين (24) ألم نجعل الأرض كفاتا (25) أحياء وأمواتا (26) وجعلنا فيها رواسي شامخات وأسقيناكم ماء فراتا (27) ويل يومئذ للمكذبين (28) ثلاث عشرة آية.
قرأ أهل المدينة والكسائي (فقدرنا) مشددة. الباقون بالتخفيف وهما لغتان. ومن اختار التخفيف فلقوله (فنعم القادرون).
يقول الله تعالى على وجه التهديد للكفار (ألم نهلك الأولين) يعني قوم نوح