وقوله (فالفارقات فرقا) قال ابن عباس وأبو صالح: هي التي تفرق بين الحق والباطل، وهي الملائكة وقال قتادة: هي آيات القرآن. وقال الحسن: هي آي القرآن تفرق بين الهدى والضلال (فالملقيات ذكرا) قال ابن عباس وقتادة هم الملائكة. والالقاء طرح الشئ على غيره، والالقاء الشئ على غيره، فالذكر يلقى بالبيان والافهام وهو من صفة الملائكة فيما تلقيه إلى الأنبياء، ومن صفة الأنبياء فيما تلقيه إلى الأمم، ومن صفة العلماء فيما تلقيه إلى المتعلمين وقيل لما جمعت الأوصاف للرياح لاختلاف فوائدها. وقال بعضهم (المرسلات عرفا) الأنبياء جاءت بالمعروف (فالعاصفات عصفا) الرياح (والناشرات نشرا) الأمطار نشرت النبات (فالفارقات فرقا) آي القرآن (فالملقيات ذكرا) الملائكة تلقي كتاب الله تعالى إلى الأنبياء.
وقوله (عذرا أو نذرا) يحتمل نصبه وجهين:
أحدهما - على أنه مفعول له أي للاعذار والانذار.
والثاني - مفعول به أي ذكرت العذر والنذر. واختار أبو علي أن يكون بدلا من قوله (ذكرا) وقيل معناه اعذارا من الله وانذارا إلى خلقه ما ألقته الملائكة من الذكر إلى أنبيائه والعذر أمر في امر ظهوره دفع اللوم بأنه لم يكن يستحق لأجل تلك الحال مع وقوع خلاف المراد. فالعقاب على القبيح بعد الانذار يوجب العذر في وقوعه. وإن كان بخلاف مراد العبد الذي استحقه. قال الحسن (عذرا) معناه يعتذر به إلى عباده في العقاب أنه لم يكن الا على وجه الحكمة. والنذر والانذار وهو الاعلام بموضع المخافة ليتقي. ومن خفف (عذرا) كره توالي الضمتين.
وقوله (إنما توعدون لواقع) جواب القسم ومعناه إن الذي وعدكم الله به من البعث والنشور والثواب والعقاب: كائن لا محالة. وقيل: الفرق بين الواقع