وليس لاحد ان يقول: إن الوجه الأخير يخالف الاجماع، أعني اجماع المفسرين، وذلك لأنا لا نسلم لهم ذلك، بل قد قال مجاهد وأبو صالح والحسن وسعيد بن جبير والضحاك: إن المراد نظر الثواب. وروي مثله عن علي عليه السلام، وقد فرق أهل اللغة بين نظر الغضبان ونظر الراضي، يقولون: نظر غضبان، ونظر راض، ونظر عداوة ونظر مودة، قال الشاعر:
تخبرني العينان ما الصدر كاتم * ولا حن بالبعضاء والنظر الشزر والرؤية ليست كذلك فإنهم لا يضيفونها، فدل على أن النظر غير الرؤية، والمرئي هو المدرك، والرؤية هي الادراك بالبصر، والرائي هو المدرك، ولا تصح الرؤية وهي الادراك إلا على الأجسام أو الجوهر أو الألوان. ومن شرط المرئي أن يكون هو أو محله مقابلا أو في حكم المقابل، وذلك يستحيل عليه تعالى، فكيف تجيز الرؤية عليه تعالى؟!!!
ثم ذكر القسم الاخر فقال (وجوه يومئذ باسرة تظن أن يفعل بها فاقرة) يعني وجوه أهل الكفر. والبسور ظهور حال الغم في الوجه معجلا قبل الاخبار عنه ومثله العبوس إلا أنه ليس فيه معنى التعجيل. والفاقرة الكاسرة لفقار الظهر بشدة ومثل الفاقرة الداهية والابدة. وقال الحسن: ناظرة بهجة حسنة. وقال مجاهد:
مسرورة. وقال ابن زيد: ناعمة. وقال مجاهد وقتادة: معنى باسرة كاشرة كالحة.
وقال مجاهد: الفاقرة الداهية. وقال ابن زيد الابدة بدخول النار.
قوله تعالى:
(كلا إذا بلغت التراقي (26) وقيل من راق (27) وظن أنه الفراق (28) والتفت الساق بالساق (29) إلى ربك يومئذ